والملائكة والناس أجمعين" (١)، فبكى ابن مهدي وآلى على نفسه أن لا يفعل ذلك أبدا في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا في غيره.
- وفي رواية عن ابن مهدي قال: فقلت للحرسيين: تذهبان بي إلى أبي عبد الله؟ قالا: إن شئت. فذهبا إليه، فقال: يا عبد الرحمن، تصلي مستلبا؟ فقلت: يا أبا عبد الله، إنه كان يوما حارا -كما رأيت- فثقل ردائي علي. فقال: آلله ما أردت بذلك الطعن على من مضى والخلاف عليه؟ قلت: آلله. قال: خلياه. (٢)
- وجاء في الاعتصام: حكى ابن العربي عن الزبير بن بكار قال: سمعت مالك بن أنس وأتاه رجل فقال يا أبا عبد الله: من أين أحرم؟ قال من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد، فقال: لا تفعل. قال: فإني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر. قال: لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة. فقال: وأي فتنة هذه؟ إنما هي أميال أزيدها، قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ إني سمعت الله يقول:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(٣). اهـ (٤)
(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ ولعله رواية معنى حديث علي، وقد تقدم تخريجه في مواقف علي رضي الله عنه سنة (٤٠هـ). (٢) الاعتصام (٢/ ٥٥٤ - ٥٥٥). (٣) النور الآية (٦٣). (٤) الاعتصام (١/ ١٧٤) وهو في ذم الكلام (ص.١٢٣) والإبانة (١/ ١/٢٦١ - ٢٦٢/ ٩٨) وانظر الباعث (ص.٩٠ - ٩١) ومجموع الفتاوى (٢٠/ ٣٧٥).