* طَوع الشَّوَامِتِ مِنْ خَوْفٍ وَمِن صُرَدِ *
وهَذِه الأقْوَالُ قَرِيبٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، وأَوْضَحُهَا قَوْلُ مَنْ قَال: مَعْنَى شَمَّتَ: أَبْعَدَهُ عَنِ الشَّمَاتَةِ، وَذلِكَ أَنَّ العَرَبَ كَانُوا يتشاءَمُوْنَ بالعُطَاسِ وَيَسُبُّوْنَ العَاطِسَ إِذَا عَطَسَ، فَأُمِرَ النَّاسُ بِحُسْنِ الأدَبِ، وأَنْ يَجْعَلُوا مَكَانَ الدُّعَاءِ عَلَيهِ دُعَاءٌ لَهُ، وأُمِرَ العَاطِسُ بِأَنْ يَدْعُوَ بالمَغْفِرَة لِمَن يَسْمَعُهُ، كَمَا يَقُوْلُ الرَّجُلُ لِمَن أَشْمَتَهُ: غَفَوَ اللهُ لَكَ، ولأجْلِ هَذَا لَمْ يؤمَرْ بِتشمِيتِهِ بَعْدَ الثَّلاثِ؛ لأنَّ العَرَبَ إِنَّمَا كَانُوا يُرَاعُوْنَ العَطَسَاتِ الثَّلاثِ، وَلَا يَلْتَفِتُوْنَ إِلَى مَا فَوْقَهَا. أَمَّا أَمْرُ العَاطِسِ بالتَّحْمِيدِ فَلأنَّ جُهَّال العَرَبِ كَانُوا يَعتَقِدُوْن في العطَاسِ أَنّه دَاءٌ؛ وَلِذلِكَ صَاغُوْهُ صيغَةَ الأدْوَاءِ كَالبُوَالِ والدُّوارِ والنُّحَازِ (١)، وكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُم يَحْبِسُ نَفْسَهُ عَنِ العُطَاسِ لِئَلَّا يَأتِيَ بِمَا يتشاءمُ بِهِ فيُسَبُّ عَلَيهِ، فَأُعْلِمُوا أَنّه لَيسَ بِدَاء وَلَا شَيءٍ يُكْرهُ، وأَنّهُ نِعْمَةٌ مِنْ نعَمِ اللهِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الإنْسَانِ أَن يَحْمَدَهَا، وَلَوْ كَانَ ذلِكَ مَكْرُوْهًا لَم يَجِبْ تَرْكُ الحَمْدِ؛ لأنَّه يُحْمَدُ علَى المَكْرُوْهِ والمَحْبُوبِ، والعُلَمَاءُ قَدْ اعْتبَرُوا العُطَاسَ فَوَجَدُوْهُ دَوَاءً لَا دَاءَ فيهِ؛ لأنَّها رِيحٌ مُخْتَفِيَةٌ في الجِسْمِ (٢) تَخْرجُ، وَمِنْ خَاصَّتِهِ فتْحُ سَدَد الكَبِد.
[مَا جَاءَ في الصُّوَرِ وَالتَّمَاثِيلِ]
- و [قوْلهُ: "فَعَرَفت في وَجْهِهِ الكَرَاهِيةَ"] [٨]، . يُقَال: كَرَاهَةٌ وكَرَاهِيَةٌ.
وَصُوَرٌ وَصِوَرٌ بِضَمِّهَا وكَسْرِهَا.
(١) اللسان: (نَحَز).(٢) يُراجع: قاموس الأطباء (١/ ٢١٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute