لَمَّا نَقَلَها عَنْ بَيتِ زَوْجِها، وذلِكَ لِلْعِلَّةِ المَذْكُوْرَةِ، والنِّدَاءُ عَلَى أَحمَائها.
[مَا جاء في الحَكَمَينِ]
-[قَوْلُهُ تَعَالى (١): {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}] [٧٢]. إِنَّمَا كَانَ الحَكَمَانُ مِنَ الأهْلِ؛ لأنَّ الأهْلَ أَعلَمُ بِأَمرِهِمَا وأَلْحَنُ بِحُجَّتِهِمَا، وأَخْبَرُ بِبَاطِنَ أمرِهِمَا، وَبِرُّهُمَا وَاجِبٌ بالإصلاحِ بَينَهُمَا. قَال أَبُو عُبَيدَةَ (٢): خِفْتُم هُنَا بِمَعنَى أَيقَنْتُم، قَال الزَّجَّاجُ (٣): لَوْ كَانَ كَذلِكَ لَمْ يَكُنْ لِتَوْصِيَتِهِمَا مَعنًى، وإِثمَا المُخَافَةُ عَلَى بَابِها.
- وَذَكَرَ قَوْلَهُ: "لَا طَلاقَ فِي إِغْلاقٍ" (٤). فَقَال: الإغْلاق: الإكْرَاهُ، وَهُوَ مِنْ أَغْلَقْتُ [عَلَيه] البَابَ أَي: سَدَدتُ عَلَيهِ الأَبْوَابَ فَلَم يَجِد سَبِيلًا إِلَى غَيرِ مَا أُكْرهَ.
وَ [لا] يَبْعُدُ أَنْ يَكُوْنَ الإغْلاقُ: الغَضَبُ: لأنَّ الطَلاقَ قَل مَا يَقَع لَّا وَسَبَبُهُ الغَضَبُ.
-[قَوْلُهُ تَعَالى] (٥): {إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}. الظَّنُّ -هاهنَا- بِمَعْنَى اليَقِينِ، وإنَّمَا جَازَ ذلِكَ؛ لأنَّ الظَّنَّ خَاطِرٌ يَخْطُرُ بالنَّفْسِ فَرُبَّمَا تَحَقَّقَ وَرُبَّمَا اضْمَحَلَّ، فَإِذَا تَحَقَّقَ لِكَثْرَةِ الدَّلائِلِ صَارَ عِلْمًا وارتَفَعَ عَن مَرتَبَةِ الشَّكِّ، وإِذَا لَمْ يَجد الظَّانُّ دَلِيلًا بَطَلَ وَذهبَ، وإِذَا تَسَاوَتْ الدَّلائِلُ في الإثْبَاتِ والنَّفْيِ بَقِيَ شَكًّا.
(١) سورة النِّساء، الآية: ٣٥.(٢) مجاز القرآن (١/ ١٢٦).(٣) معاني القرآن وإعرابه (٢/ ٤٨).(٤) النِّهاية (٣/ ٣٧٩، ٣٨٠) "لا طلاق ولا عتاق في إغْلاق".(٥) سورة البقرة، الآية: ٢٣٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute