وَكَانُوا رَبَّمَا سَمَّوا هَذ الأصْنَافَ كُلَّهَا خَمْرًا فَلَمَّا قَال تَعَالى (١): {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيسِرُ ... } إذْ كَانَتْ نَائِبَةً مَنَابَ الخَمْرِ وَسَادَّةً مَسَدَّهَا، وَكَانَ مَعْنَى الخَمْرِ مَوْجُوْدًا فِيهَا، وَكَانَ مِنْهُم مَنْ لَا يُسَمِّيهَا خَمْرًا، فَلَمَّا قَال تَعَالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيسِرُ ... } احتُمِلَ أَن يُريدَ الخَمْرَ المَشْهُوْرَةَ الَّتي لا خلافَ فِيهَا [ ... ] (٢) خَمْرًا، دُوْنَ غَيرِهَ مِمَّا قَدْ تُسَمَّى خَمْرًا وَقَدْ لا تُسَمَّى، واحْتُمِلَ أَنْ يُرِيدَ جَمِيع مَا يَقَعُ عَلَيهِ هَذَا الاسْم، فَأَوْضَحَ رَسوْلُ الله [- صلى الله عليه وسلم -] هَذَا الإبْهَامَ بِأَنْ قَال: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ" أَي: حُكْمُهُ حُكْمُ الخَمْرِ، وَلِهذَا احْتِيجَ أَنْ يُقَال: إِنَّ الخَمْرَ يَكُوْنُ مِنَ التَّمْرِ والزَّبِيبِ والحِنْطَةَ والعَسَلِ والشَّعِيرِ، وَلَوْ كَانَ المَشْهُوْرُ أَنَّ هَذه الأَصْنَافَ تُسَمَّى خَمْرًا كَشُهْرَةِ تَسْمِيَةِ عَصِيرِ العِنَبِ إِذَا (٣) احْتِيجَ إِلَى هَذَا، وَلَكَانَ فِي تَحْرِيمِ الخَمْرِ كِفَايَةٌ، وَلكِنْ لَمَّا كَانَتْ تَحْتَمِلُهُ بَيَّنَ ذلِكَ رَسوْلُ اللهِ [- صلى الله عليه وسلم -] كَمَا قَال تَعَالى (٤): {حُرِّمَتْ عَلَيكُمُ الْمَيتَةُ وَالدَّمُ} احْتَمَلَ العُمُوْمَ واحْتَمَلَ الخُصُوْصَ فَأَوْضَحَ ذلِكَ النَّبيُّ [- صلى الله عليه وسلم -] بِقَوْلهِ: "أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيتَتَانِ وَدَمَانِ" وَهَذِهِ الآيةُ عَكْسُ آيةِ الخَمْرِ؛ لأنَّه خَصَّصَ فِي هَذِهِ الآيةِ مَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ عُمُوْمًا،
= الدّنِ. يُراجع: "تَنبيه البَصَائر"، و"الجَلِيسُ والأَنِيسُ"، قال الفَيرُوْزَآبَادِيُّ: "والنَّبِيذُ عندَ الفُقَهَاءِ شَرَابٌ غَيرُ مُسْكِرٍ، ومنه ما حُكِيَ عن ثَعْلَبٍ أنَّه قَال: سَقَيتُ أحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ بِيَدِي" ولا أَدرِي كَيفَ يَثْبُتُ ذلِكَ؟ ! .وفي الحَدِيثِ: "إِنَّ أناسًا من أُمَّتِي يَشْرَبُوْنَ الخَمْرَ يُسَمُّوْنَهَا بِغَيرِ اسْمِهَا". "فتح الباري" (١٠/ ٥٢).(١) سورة المائدة، الآية: ٩٠.(٢) بياض يتَّسع لكلمة واحدة.(٣) لعلها: "لَمَا ... ".(٤) سورة المائدة، الآية: ٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute