إنها كانت عند رفاعة؛ فطلقها آخر ثلاث تطليقات، فتزوجت بعده عبد الرحمن ابن الزبير، وإنه - والله - ما معه يا رسول الله، إلا مثل هذه الهدبة. فتبسم رسول الله ﷺ؛ ثم قال:«لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا، حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك»، قالت: وأبو بكر جالس عند النبي ﷺ، وخالد بن سعيد جالس بباب الحجرة (١) لم يؤذن له، فطفق خالد ينادي أبا بكر؛ يقول: يا أبا بكر ألا تزجر هذه عما تجهر به عند رسول الله ﷺ(٢).
٢٦٩ - وعنها فقالت: «لما نزلت ﴿وإن كنتن تردن الله ورسوله﴾ [الأحزاب: ٢٩] دخل علي رسول الله ﷺ، بدأ بي؛ فقال: يا عائشة، إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك، قالت: قد علم والله أن أبوي (٣) لم يكونا ليأمراني بفراقه، قالت: فقرأ علي: ﴿يتأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا﴾ [الأحزاب: ٢٨] فقلت: أفي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، ذكره البخاري تعليقا (٤).
(١) في (ظ): «بالباب» وكتب عندها: «بباب الحجرة» نسخة. (٢) أخرجه أحمد (٢٥٨٩٢)، والبخاري (٦٠٨٤)، ومسلم (١٤٣٣) (١١٣). وقوله: «فبت طلاقها» أي طلقها ثلاثا، و «الهدبة»: هي طرف الثوب الذي لم ينسج، وهو ما يبقى بعد قطع الثوب من السداء، شبه بهدب العين، وهو تشبيه للذكر بالهدبة لصغره، أو لاسترخائه وعدم انتشاره، و «العسيلة»: تصغير عسلة، وهي كناية عن الجماع. انظر: «طرح التثريب» (٧/ ٩٤) وما بعدها. (٣) في (ظ) و (ل): «أبواي» وكتب فوقها فيهما «كذا». وفي هامش (ظ): «قال: وقع في الأصل «أبواي»، والصواب: أبوي». والتصويب من «المسند». (٤) أخرجه أحمد (٢٥٢٩٩)، وعلقه البخاري عقب (٤٧٨٦) عن عبد الرزاق وأبي سفيان المعمري، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.