صَاحِبُهَا. يُقَوِّي هَذِهِ الْقِرَاءَةَ قَوْلُهُ تَعَالَى:" رَفِيعُ الدَّرَجاتِ «١» " وقول عَلَيْهِ السَّلَامُ:" اللَّهُمَّ ارْفَعْ دَرَجَتَهُ". فَأَضَافَ الرَّفْعَ إِلَى الدَّرَجَاتِ. وَهُوَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّفِيعُ الْمُتَعَالِي فِي شَرَفِهِ وَفَضْلِهِ. فَالْقِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ، لِأَنَّ مِنْ رُفِعَتْ دَرَجَاتُهُ فَقَدْ رُفِعَ، وَمَنْ رُفِعَ فَقَدْ رُفِعَتْ دَرَجَاتُهُ، فَاعْلَمْ. (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) يضع كل شي موضعه.
[سورة الأنعام (٦): الآيات ٨٤ الى ٨٥]
وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥)
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) أَيْ جَزَاءً لَهُ عَلَى الِاحْتِجَاجِ فِي الدِّينِ وَبَذْلِ النَّفْسِ فِيهِ." (كُلًّا هَدَيْنا) " أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُهْتَدٍ. وَ" كُلًّا" نُصِبَ بِ" هَدَيْنا" (وَنُوحاً) نُصِبَ بِ" هَدَيْنا" الثَّانِي. (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ) أَيْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ. وَقِيلَ: مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ كَالْقُشَيْرِيِّ وَابْنِ عَطِيَّةَ وَغَيْرِهِمَا. وَالْأَوَّلُ قَالَهُ الزَّجَّاجُ، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ عُدَّ مِنْ (هَذِهِ «٢») الذُّرِّيَّةِ يُونُسُ وَلُوطٌ وَمَا كَانَا مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ. وَكَانَ لُوطٌ ابْنَ أَخِيهِ. وَقِيلَ: ابْنُ أُخْتِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءُ جَمِيعًا مُضَافُونَ إِلَى ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ تَلْحَقْهُ وِلَادَةٌ مِنْ جِهَتِهِ مِنْ جِهَةِ أَبٍ وَلَا أُمٍّ، لِأَنَّ لُوطًا ابْنُ أَخِي إِبْرَاهِيمَ. وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ الْعَمَّ أَبًا كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ وَلَدِ يَعْقُوبَ أَنَّهُمْ قَالُوا" نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ «٣» ". وَإِسْمَاعِيلُ عَمُّ يَعْقُوبَ. وَعُدَّ عِيسَى مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ الْبِنْتِ. فَأَوْلَادُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ذُرِّيَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَبِهَذَا تَمَسَّكَ مَنْ رَأَى أَنَّ وَلَدَ الْبَنَاتِ يَدْخُلُونَ فِي اسم الولد وهي:
(١). راجع ج ١٥ ص ٢٩٨.(٢). من ك وب وع.(٣). راجع ج ٢ ص ١٣٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute