يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُقَالُ لَهُ قَدْ كُنْتَ سُئِلْتَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ (. لَفْظُ الْبُخَارِيِّ. وَقَالَ مُسْلِمٌ بَدَلَ (قَدْ كُنْتَ، كَذَبْتَ، قَدْ سئلت).
[[سورة آل عمران (٣): آية ٩٢]]
لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢)
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى- رَوَى الْأَئِمَّةُ وَاللَّفْظُ لِلنَّسَائِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:" لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ" قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: إِنَّ رَبَّنَا لَيَسْأَلُنَا مِنْ أَمْوَالِنَا فَأُشْهِدُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي جَعَلْتُ أَرْضِي لِلَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اجْعَلْهَا فِي قَرَابَتِكَ فِي حسان ابن ثَابِتٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ). وَفِي الْمُوَطَّأِ" وَكَانَتْ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بِئْرُ حَاءٍ «١»، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ ظَاهِرِ الْخِطَابِ وَعُمُومِهِ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ لَمْ يَفْهَمُوا مِنْ فَحْوَى الْخِطَابِ حِينَ نَزَلَتِ الْآيَةُ غَيْرَ ذَلِكَ. أَلَا تَرَى أَبَا طَلْحَةَ حِينَ سَمِعَ" لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا" الْآيَةَ، لَمْ يَحْتَجْ أَنْ يَقِفَ حَتَّى يَرِدَ الْبَيَانُ الَّذِي يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْهُ عِبَادُهُ بِآيَةٍ أُخْرَى أَوْ سُنَّةٍ مُبَيِّنَةٍ لِذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً. وكذلك فعل زيد ابن حَارِثَةَ، عَمَدَ مِمَّا يُحِبُّ إِلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ (سَبَلٌ) وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِي مَالٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ فَرَسِي هَذِهِ، فَجَاءَ بِهَا [إِلَى] «٢» النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ (اقْبِضْهُ). فَكَأَنَّ زَيْدًا وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَبِلَهَا مِنْكَ). ذَكَرَهُ أَسَدُ بْنُ مُوسَى. وَأَعْتَقُ ابْنُ عُمَرَ نَافِعًا مَوْلَاهُ، وَكَانَ أَعْطَاهُ فِيهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ أَلْفَ دِينَارٍ. قالت صفية بنت أبي عبيد: أَظُنُّهُ تَأَوَّلَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:" لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ". وروى شبل عن «٣» أبي نجيح
(١). بئر حاء: مال وموضع كان لابي طلحة بالمدينة.(٢). من د، وز.(٣). في د: أبن أبى نجيح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute