[سورة آل عمران (٣): الآيات ١٦٩ الى ١٧٠]
وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠)
فيه ثمان مسائل: الْأُولَى- لَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مَا جَرَى يَوْمَ أُحُدٍ كَانَ امْتِحَانًا يُمَيِّزُ الْمُنَافِقَ مِنَ الصَّادِقِ، بَيَّنَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنْهَزِمْ فَقُتِلَ لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْحَيَاةُ عِنْدَهُ. وَالْآيَةُ فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي شُهَدَاءِ بِئْرِ مَعُونَةَ. وَقِيلَ: بَلْ هِيَ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الشُّهَدَاءِ. وَفِي مُصَنَّفِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ قَالُوا مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ وَلَا يَنْكَلُوا عِنْدَ الْحَرْبِ فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ (- قَالَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً ... ) إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ. وَرَوَى بَقِيُّ «١» بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (يَا جَابِرُ مالي أَرَاكَ مُنَكِّسًا مُهْتَمًّا)؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتُشْهِدَ أَبِي وَتَرَكَ عِيَالًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَقَالَ: (أَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ أَبَاكَ)؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ أَحْيَا أَبَاكَ وَكَلَّمَهُ كِفَاحًا «٢» وَمَا كُلِّمَ أَحَدٌ قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدِي تَمَنَّ أُعْطِكَ قَالَ يَا رَبُّ فَرُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً فَقَالَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ [إِلَيْهَا] «٣» لَا يُرْجَعُونَ قَالَ يَا رَبُّ فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي) فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ" وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ" الْآيَةَ. أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ سَالِمِ بْنِ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ" وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ"
(١). حافظ الأندلس ابن يزيد القرطبي.(٢). كفاحا (بكسر الكاف) أي مواجهة ليس بينهما حجاب ولا رسول.(٣). زيادة عن سنن الترمذي وابن ماجة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute