وَقَالَ آخَرُ:
التِّينُ يَعْدِلُ عِنْدِي كُلَّ فَاكِهَةٍ ... إِذَا انْثَنَى مَائِلًا فِي غُصْنِهِ الزَّاهِي
مُخَمَّشُ الْوَجْهِ قَدْ سَالَتْ حَلَاوَتُهُ ... كَأَنَّهُ رَاكِعٌ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ
وَأَقْسَمَ بِالزَّيْتُونِ لِأَنَّهُ مَثَّلَ بِهِ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ «١» [النور: ٣٥]. وَهُوَ أَكْثَرُ أُدُمِ أَهْلِ الشَّامِ وَالْمَغْرِبِ، يَصْطَبِغُونَ «٢» بِهِ، وَيَسْتَعْمِلُونَهُ فِي طَبِيخِهِمْ، وَيَسْتَصْبِحُونَ بِهِ، وَيُدَاوَى بِهِ أَدْوَاءُ الْجَوْفِ وَالْقُرُوحِ وَالْجِرَاحَاتِ، وَفِيهِ مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: [كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ]. وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ" الْمُؤْمِنُونَ" الْقَوْلُ فِيهِ «٣». الثَّالِثَةُ- قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَلِامْتِنَانِ الْبَارِئِ سُبْحَانَهُ، وَتَعْظِيمِ الْمِنَّةِ فِي التِّينِ، وَأَنَّهُ مُقْتَاتٌ مُدَّخَرٌ [فَلِذَلِكَ «٤»] قُلْنَا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ. وَإِنَّمَا فَرَّ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ التَّصْرِيحِ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ، تَقِيَّةَ جَوْرِ الْوُلَاةِ، فَإِنَّهُمْ يَتَحَامَلُونَ فِي الْأَمْوَالِ الزَّكَاتِيَّةِ، فَيَأْخُذُونَهَا مَغْرَمًا، حَسَبَ مَا أَنْذَرَ بِهِ الصَّادِقُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَكَرِهَ الْعُلَمَاءُ أَنْ يَجْعَلُوا لَهُمْ سَبِيلًا إِلَى مَالٍ آخَرَ يَتَشَطَّطُونَ فِيهِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ نِعْمَةِ رَبِّهِ، بِأَدَاءِ حَقِّهِ. وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَغَيْرِهَا: لَا زَكَاةَ فِي الزَّيْتُونِ. والصحيح وجوب الزكاة فيهما «٥».
[[سورة التين (٩٥): آية ٢]]
وَطُورِ سِينِينَ (٢)
رَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَطُورِ قَالَ: جَبَلٌ. سِينِينَ قَالَ: مُبَارَكٌ بِالسُّرْيَانِيَّةِ. وَعَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: طُورِ جبل، وسِينِينَ، حَسَنٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ: سِينِينَ هُوَ الْمُبَارَكُ الْحَسَنُ. وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: الْجَبَلُ الَّذِي نَادَى اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مِنْهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: سِينِينَ كُلُّ جَبَلٍ فِيهِ شَجَرٌ مُثْمِرٌ، فَهُوَ سِينِينَ وَسَيْنَاءَ، بِلُغَةِ النَّبَطِ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعِشَاءَ بِمَكَّةَ، فَقَرَأَ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ.
(١). آية ٣٥ سورة النور. راجع ج ١٢ ص ٢٦٣.(٢). أي يأتدمون به.(٣). راجع ج ١٢ ص ١١٦.(٤). زيادة عن ابن العربي.(٥). في نسخ الأصل: (فيها).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute