وَيَوَاسِفُ. وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ: يُونَسَ وَيُوسَفَ بِفَتْحِ النُّونِ وَالسِّينِ، قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَكَأَنَّ" يُونِسَ" فِي الْأَصْلِ فِعْلٌ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ، وَ" يُونَسَ" فِعْلٌ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ، فَسُمِّيَ بِهِمَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) الزَّبُورُ كِتَابُ دَاوُدَ وَكَانَ مِائَةً وَخَمْسِينَ سُورَةً لَيْسَ فِيهَا حُكْمٌ وَلَا حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ، وَإِنَّمَا هِيَ حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ. وَالزُّبُرُ الْكِتَابَةُ، وَالزَّبُورُ بِمَعْنَى الْمَزْبُورِ أَيِ الْمَكْتُوبِ، كَالرَّسُولِ وَالرَّكُوبِ وَالْحَلُوبِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ" زُبُورًا" بِضَمِّ الزَّايِ جَمْعُ زَبْرٍ كَفَلْسٍ وَفُلُوسٍ، وَزَبْرٌ بِمَعْنَى الْمَزْبُورِ، كَمَا يُقَالُ: هَذَا الدِّرْهَمُ ضَرْبُ الْأَمِيرِ أَيْ مَضْرُوبُهُ، وَالْأَصْلُ فِي الْكَلِمَةِ التَّوْثِيقُ، يُقَالُ: بِئْرٌ مَزْبُورَةٌ أَيْ مَطْوِيَّةٌ بِالْحِجَارَةِ، وَالْكِتَابُ يُسَمَّى زَبُورًا لِقُوَّةِ الْوَثِيقَةِ بِهِ. وَكَانَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَإِذَا أَخَذَ فِي قِرَاءَةِ الزَّبُورِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ وَالطَّيْرُ وَالْوَحْشُ لِحُسْنِ صَوْتِهِ، وَكَانَ مُتَوَاضِعًا يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَنْ كَانَ دَاوُدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَخْطُبُ النَّاسَ وَفِي يَدِهِ الْقُفَّةُ مِنَ الْخُوصِ، فَإِذَا فَرَغَ نَاوَلَهَا بَعْضَ مَنْ إِلَى جَنْبِهِ يَبِيعُهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ الدُّرُوعَ، وَسَيَأْتِي «١». وَفِي الْحَدِيثِ: (الزُّرْقَةُ فِي الْعَيْنِ يُمْنٌ) وَكَانَ داود أزرق.
[[سورة النساء (٤): آية ١٦٤]]
وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً (١٦٤)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ" يَعْنِي بِمَكَّةَ." وَرُسُلًا" مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ، أي وأرسلنا رسلا، لان معنى" أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ" وَأَرْسَلْنَا نُوحًا. وَقِيلَ: هُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ" قَصَصْناهُمْ" أَيْ وَقَصَصْنَا رُسُلًا، وَمِثْلُهُ مَا أَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ «٢»:
أَصْبَحْتُ لَا أَحْمِلُ السِّلَاحَ وَلَا ... أَمْلِكُ رَأْسَ الْبَعِيرِ إِنْ نَفَرَا
وَالذِّئْبَ أَخْشَاهُ إِنْ مَرَرْتُ بِهِ ... وَحْدِي وَأَخْشَى الرياح والمطرا
(١). راجع ج ١١ ص ٣٣٠.(٢). البيتان للربيع بن ضبع الفزاري، وهو أحد المعمرين، وصف فيهما انتهاء شبيبته وذهاب قوته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute