هَلْ هَذِهِ حَالَةٌ تُرَى عَلَى الْمَرِيضِ أَمْ لَا؟ هَذَا مَا لَا يَشُكُّ فِيهِ مُنْصِفٌ، وَهَذَا لِمَنْ ثَبَتَ فِي اعْتِقَادِهِ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَشَاهَدَ الرَّسُولَ وَآيَاتِهِ، فَكَيْفَ بِنَا؟ السَّابِعَةُ- وَقَدِ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي رَاكِبِ الْبَحْرِ وَقْتَ الْهَوْلِ، هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ أَوِ الْحَامِلِ. فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَامِلِ إِذَا بَلَغَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَوْلُهُمَا أَقْيَسُ، لِأَنَّهَا حَالَةُ خَوْفٍ عَلَى النَّفْسِ كَإِثْقَالِ الْحَمْلِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَرْكَبِ الْبَحْرَ، وَلَا رَأَى دُودًا عَلَى عُودٍ. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُوقِنَ بِاللَّهِ أَنَّهُ الْفَاعِلُ وَحْدَهُ لَا فَاعِلَ مَعَهُ، وَأَنَّ الْأَسْبَابَ ضَعِيفَةٌ لَا تَعَلُّقَ لِمُوقِنٍ بِهَا، ويتحقق التوكل والتفويض فليركب البحر.
[سورة الأعراف (٧): الآيات ١٩١ الى ١٩٢]
أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئاً) أَيْ أَيَعْبُدُونَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى خَلْقِ شَيْءٍ. (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) أَيِ الْأَصْنَامُ مَخْلُوقَةٌ. وَقَالَ:" يُخْلَقُونَ" بِالْوَاوِ وَالنُّونِ لِأَنَّهُمُ اعْتَقَدُوا أَنَّ الْأَصْنَامَ تَضُرُّ وَتَنْفَعُ، فَأُجْرِيَتْ مَجْرَى النَّاسِ، كَقَوْلِهِ:" فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ «١» ". وقوله:" يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا «٢» مَساكِنَكُمْ". (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) أَيْ إِنَّ الأصنام، لا تنصر ولا تنتصر.
[[سورة الأعراف (٧): آية ١٩٣]]
وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (١٩٣)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لَا يَتَّبِعُوكُمْ) قَالَ الْأَخْفَشُ: أي وإن تدعو الْأَصْنَامَ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ. (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) قال أحمد
(١). راجع ج ١١ ص ٢٨٦ وج ١٥ ص ٣٢.(٢). راجع ج ١٣ ص ١٦٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute