أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ كَسْرَ اللَّامِ وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ قَبْلَ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مَلِكٌ فَيَصِيرَا مَلِكَيْنِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَيَجُوزُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ إِسْكَانُ اللَّامِ، وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى لِخِفَّةِ الْفَتْحَةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَاهُمَا الْمَلْعُونُ مِنْ جِهَةِ الْمُلْكِ، وَلِهَذَا قَالَ:" هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلى «١» ". وَزَعَمَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ احْتِجَاجَ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِقَوْلِهِ:" وَمُلْكٍ لَا يَبْلى " حُجَّةٌ بَيِّنَةٌ، وَلَكِنَّ النَّاسَ عَلَى تَرْكِهَا فلهذا تركناها. قال النحاس:" إلا أن تكون مُلْكَيْنِ" قِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ. وَقَدْ أُنْكِرَ عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ هَذَا الْكَلَامَ، وَجُعِلَ مِنَ الْخَطَأِ الْفَاحِشِ. وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَوَهَّمَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ يَصِلُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ مُلْكِ الْجَنَّةِ، وَهُوَ غَايَةُ الطَّالِبِينَ. وَإِنَّمَا مَعْنَى" وَمُلْكٍ لَا يَبْلى " الْمُقَامُ فِي مُلْكِ الْجَنَّةِ، وَالْخُلُودُ فِيهِ.
[[سورة الأعراف (٧): آية ٢١]]
وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقاسَمَهُما) أَيْ حَلَفَ لَهُمَا. يُقَالُ: أَقْسَمَ إِقْسَامًا، أَيْ حَلَفَ. قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَاسَمَهَا بِاللَّهِ جَهْدًا لَأَنْتُمْ ... أَلَذُّ مِنَ السَّلْوَى إِذَا مَا نَشُورُهَا «٢»
وَجَاءَ" فَاعَلْتَ" مِنْ وَاحِدٍ. وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُفَاعَلَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا مِنِ اثْنَيْنِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَائِدَةِ. (إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) لَيْسَ" لَكُما" دَاخِلًا فِي الصِّلَةِ. وَالتَّقْدِيرُ: إِنِّي نَاصِحٌ لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ، قَالَهُ هِشَامٌ النَّحْوِيُّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْبَقَرَةِ. وَمَعْنَى الْكَلَامِ: اتَّبِعَانِي أُرْشِدْكُمَا، ذَكَرَهُ قَتَادَةُ.
[سورة الأعراف (٧): الآيات ٢٢ الى ٢٤]
فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢) قَالَا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣) قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٢٤)
(١). راجع ج ١١ ص ٢٥٤.(٢). السلوى: العسل. وشار العسل: اجتناه واخذه من موضعه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute