مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرَ عَلَى جِهَةِ الْحَيْطَةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، إِذْ كَانُوا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يَثْبُتُونَ لِأَضْعَافِهِمْ مِرَارًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي قَوْلِهِ:" وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ" مَا يَكْفِي. السَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ) أَيِ اسْتَحَقَّ الْغَضَبَ. وَأَصْلُ" بَاءَ" رَجَعَ وَقَدْ تَقَدَّمَ «١». (وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ) أَيْ مُقَامُهُ. وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى الْخُلُودِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ".
[سورة الأنفال (٨): الآيات ١٧ الى ١٨]
فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧) ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (١٨)
قَوْلُهُ تَعَالَى (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ) أَيْ يَوْمَ بَدْرٍ. رُوِيَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَدَرُوا عَنْ بَدْرٍ ذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا فَعَلَ: قَتَلْتُ كَذَا، فَعَلْتُ كَذَا، فَجَاءَ مِنْ ذَلِكَ تَفَاخُرٌ «٢» وَنَحْوَ ذَلِكَ. فَنَزَلَتِ الْآيَةُ إِعْلَامًا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْمُمِيتُ وَالْمُقَدِّرُ لِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَأَنَّ الْعَبْدَ إِنَّمَا يُشَارِكُ بِتَكَسُّبِهِ وَقَصْدِهِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ تَرُدُّ عَلَى مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ خَلْقٌ «٣» لَهُمْ. فَقِيلَ: الْمَعْنَى فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ بِسَوْقِهِمْ إِلَيْكُمْ حَتَّى أَمْكَنَكُمْ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ بِالْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ أَمَدَّكُمْ بِهِمْ. (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) مِثْلُهُ،" وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى ". وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الرَّمْيِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ- إِنَّ هَذَا الرَّمْيَ إِنَّمَا كَانَ فِي حَصْبِ «٤» رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ يَبْقَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ أَصَابَهُ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ رَوَى عَنْهُ ابْنُ القاسم أيضا.
(١). راجع ج ١ ص ٤٣٠.(٢). في هـ: مفاخر.(٣). في ى: من خلق لهم. [ ..... ](٤). أي رمى في وجه العدو بالحصى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute