وَالْكَلُّ أَيْضًا الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ. وَالْكَلُّ الْعَيَّالُ، وَالْجَمْعُ الْكُلُولُ، يُقَالُ مِنْهُ: كل السكين كَلًّا أَيْ غَلُظَتْ شَفْرَتُهُ فَلَمْ يَقْطَعْ. (أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ) قَرَأَ الْجُمْهُورُ" يُوَجِّهْهُ" وَهُوَ خَطُّ الْمُصْحَفِ، أَيْ أَيْنَمَا يُرْسِلْهُ صَاحِبُهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ، لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ وَلَا يَفْهَمُ مَا يُقَالُ لَهُ وَلَا يَفْهَمُ عَنْهُ. وقرا يحيى بن وثاب" أَيْنَما يُوَجِّهْهُ" عَلَى الْفِعْلِ الْمَجْهُولِ. (وَرُوِيَ «١» عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ) أَيْضًا" تَوَجَّهَ" عَلَى الْخِطَابِ. (هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ. وَهُوَ. عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أَيْ هَلْ يَسْتَوِي هَذَا الْأَبْكَمُ وَمَنْ يَأْمُرُ بالعدل وهو على الصراط المستقيم.
[[سورة النحل (١٦): آية ٧٧]]
وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٧٧)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ «٢» وَهَذَا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ:" إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" أَيْ شَرْعَ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ إِنَّمَا يَحْسُنُ مِمَّنْ يُحِيطُ بِالْعَوَاقِبِ وَالْمَصَالِحِ وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ لَا تُحِيطُونَ بِهَا فَلِمَ تَتَحَكَّمُونَ. (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ) وَتُجَازُونَ فِيهَا بِأَعْمَالِكُمْ. وَالسَّاعَةُ هِيَ الْوَقْتُ الَّذِي تَقُومُ فِيهِ الْقِيَامَةُ، سُمِّيَتْ سَاعَةً لِأَنَّهَا تَفْجَأُ النَّاسَ فِي سَاعَةٍ فَيَمُوتُ الْخَلْقُ بِصَيْحَةٍ. وَاللَّمْحُ النَّظَرُ بِسُرْعَةٍ، يُقَالُ لَمَحَهُ لَمْحًا وَلَمَحَانًا. وَوَجْهُ التَّأْوِيلِ أَنَّ السَّاعَةَ لَمَّا كَانَتْ آتِيَةً وَلَا بُدَّ جُعِلَتْ مِنَ الْقُرْبِ كَلَمْحِ الْبَصَرِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لَمْ يُرِدْ أَنَّ السَّاعَةَ تَأْتِي فِي لَمْحِ الْبَصَرِ، وَإِنَّمَا وَصَفَ سُرْعَةَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهَا، أَيْ يَقُولُ لِلشَّيْءِ كُنْ فَيَكُونُ. وَقِيلَ: إِنَّمَا مَثَّلَ بِلَمْحِ الْبَصَرِ لِأَنَّهُ يَلْمَحُ السَّمَاءَ مَعَ مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْبُعْدِ مِنَ الْأَرْضِ. وَقِيلَ: هُوَ تَمْثِيلٌ لِلْقُرْبِ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: مَا السَّنَةُ إِلَّا لَحْظَةٌ، وَشَبَهِهِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى هُوَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَلِكَ لَا عِنْدَ الْمَخْلُوقِينَ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ:" إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً. وَنَراهُ قَرِيباً «٣» ". (أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) لَيْسَ" أَوْ" لِلشَّكِّ بَلْ لِلتَّمْثِيلِ بِأَيِّهِمَا أَرَادَ الْمُمَثِّلُ. وَقِيلَ: دَخَلَتْ لِشَكِّ الْمُخَاطَبِ. وَقِيلَ:" أَوْ" بِمَنْزِلَةِ بَلْ. (إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) تقدم «٤».
(١). من ى.(٢). راجع ج ٩ ص ١٧٧.(٣). راجع ج ١٨ ص ٢٨٣.(٤). راجع ج ١ ص ٢٢٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute