أَيْ أَعْنِي الْمُتَعَيَّبَ. وَالْبَيِّنَاتُ: الْحُجَجُ وَالْبَرَاهِينُ. وَالزُّبُرُ: الْكُتُبُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آلِ عِمْرَانَ «١». (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ) يَعْنِي الْقُرْآنَ. (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ بِقَوْلِكَ وَفِعْلِكَ، فَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنٌ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُرَادَهُ مِمَّا أَجْمَلَهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُفَصِّلْهُ. وقد تقدم هذا المعنى مستوفى في مقدمة الكتاب، والحمد لله. (وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) فيتعظون.
[سورة النحل (١٦): الآيات ٤٥ الى ٤٧]
أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (٤٥) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٤٦) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٤٧)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ) أَيْ بِالسَّيِّئَاتِ، وَهَذَا وَعِيدٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ احْتَالُوا فِي إِبْطَالِ الْإِسْلَامِ. (أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَمَا خَسَفَ بِقَارُونَ، يُقَالُ: خَسَفَ الْمَكَانُ يَخْسِفُ خُسُوفًا ذَهَبَ فِي الْأَرْضِ، وَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ خُسُوفًا أَيْ غَابَ بِهِ فِيهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:" فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ «٢» ". وَخَسَفَ هُوَ فِي الْأَرْضِ وَخُسِفَ بِهِ. وَالِاسْتِفْهَامُ بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ، أَيْ يَجِبُ أَلَّا يَأْمَنُوا عُقُوبَةً تَلْحَقُهُمْ كَمَا لَحِقَتِ الْمُكَذِّبِينَ. (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ) كَمَا فُعِلَ بِقَوْمِ لُوطٍ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يُرِيدُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَإِنَّهُمْ أُهْلِكُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَلَمْ يَكُنْ شي مِنْهُ فِي حِسَابِهِمْ. (أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ) أي في أسفارهم وتصرفهم، قاله قتادة. (فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) أي سابقين لله ولا فائتيه. وَقِيلَ:" فِي تَقَلُّبِهِمْ" عَلَى فِرَاشِهِمْ أَيْنَمَا كَانُوا. وقال الضحاك: بالليل والنهار. (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ومجاهد وغيرهما: أي على تنقص من أموالهم
(١). راجع ج ٤ ص ٢٩٦.(٢). راجع ج ١٣ ص ٣١٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute