بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى" مِثْقالُ". (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) فَهُوَ الْعَالِمُ بِمَا خَلَقَ وَلَا يَخْفَى عليه شي. (لِيَجْزِيَ) مَنْصُوبٌ بِلَامٍ كَيْ، وَالتَّقْدِيرُ: لَتَأْتِيَنَّكُمْ لِيَجْزِيَ. (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بِالثَّوَابِ، وَالْكَافِرِينَ بِالْعِقَابِ. (أُولئِكَ) يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ. (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لِذُنُوبِهِمْ. (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) وهو الجنة.
[[سورة سبإ (٣٤): آية ٥]]
وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا) أَيْ فِي إِبْطَالِ أَدِلَّتِنَا والتكذيب بآياتنا. (مُعاجِزِينَ) مسابقين يحسبون أنهم يفتوننا، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَعْثِهِمْ فِي الْآخِرَةِ، وَظَنُّوا أَنَّا نُهْمِلُهُمْ، فَهَؤُلَاءِ" لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ" يقال: عَاجَزَهُ وَأَعْجَزَهُ إِذَا غَالَبَهُ وَسَبَقَهُ. وَ" أَلِيمٌ" قِرَاءَةُ نَافِعٍ بِالْكَسْرِ نَعْتًا لِلرِّجْزِ، فَإِنَّ الرِّجْزَ هُوَ الْعَذَابُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ" «١» [البقرة: ٥٩]. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ" عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ" بِرَفْعِ" الْمِيمِ" هُنَا وَفِي" الْجَاثِيَةِ" «٢» نَعْتًا لِلْعَذَابِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَحُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو عَمْرٍو" مُعَجِّزِينَ" مُثَبِّطِينَ، أَيْ ثَبَّطُوا النَّاسَ عَنِ الْإِيمَانِ بالمعجزات وآيات القرآن.
[[سورة سبإ (٣٤): آية ٦]]
وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٦)
لَمَّا ذَكَرَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي إِبْطَالِ النُّبُوَّةِ بَيَّنَ أَنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ يَرَوْنَ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ. قَالَ مُقَاتِلٌ:" الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ" هُمْ مُؤْمِنُو أَهْلِ الْكِتَابِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقِيلَ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ أَصَحُّ لِعُمُومِهِ. وَالرُّؤْيَةُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَطْفًا عَلَى" لِيَجْزِيَ" أَيْ لِيَجْزِيَ وَلِيَرَى، قاله الزجاج والفراء. وفية نظر،
(١). راجع ج ١ ص ٤١٥ فما بعد.(٢). راجع ج ١٦ ص ١٥٩ فما بعد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute