وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. (وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) أَيْ إِلَى صِرَاطِ اللَّهِ. وَصِرَاطُ اللَّهِ: دِينُهُ وَهُوَ الْإِسْلَامُ. وَقِيلَ: هُدُوا فِي الْآخِرَةِ إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ، وَهُوَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ غَدًا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَن، فَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ لَغْوٌ وَلَا كَذِبٌ فَمَا يَقُولُونَهُ فَهُوَ طَيِّبُ الْقَوْلِ. وَقَدْ هُدُوا فِي الْجَنَّةِ إِلَى صراط الله، إذ ليس في الجنة شي مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِ اللَّهِ. وَقِيلَ: الطَّيِّبُ مِنَ الْقَوْلِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنَ اللَّهِ مِنَ الْبِشَارَاتِ الْحَسَنَةِ." وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ" أَيْ إِلَى طريق الجنة.
[[سورة الحج (٢٢): آية ٢٥]]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٥)
فِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ) أَعَادَ الْكَلَامَ إِلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ حِينَ صَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ لَهُمْ صَدٌّ قَبْلَ ذَلِكَ الْجَمْعِ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ صَدَّهُمْ لِأَفْرَادٍ مِنَ النَّاسِ، فَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ في صدر [من «١»] الْمَبْعَثِ. وَالصَّدُّ: الْمَنْعُ، أَيْ وَهُمْ يَصُدُّونَ. وَبِهَذَا حَسُنَ عَطْفُ الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الْمَاضِي. وَقِيلَ: الْوَاوُ زَائِدَةٌ" وَيَصُدُّونَ" خَبَرُ" إِنَّ". وَهَذَا مُفْسِدٌ لِلْمَعْنَى الْمَقْصُودِ، وَإِنَّمَا الْخَبَرُ مَحْذُوفٌ مُقَدَّرٌ عِنْدَ قَوْلِهِ: (" وَالْبادِ" تَقْدِيرُهُ: خَسِرُوا إِذَا هَلَكُوا. وَجَاءَ" وَيَصُدُّونَ" مُسْتَقْبَلًا إِذْ هُوَ فِعْلٌ يُدِيمُونَهُ، كَمَا جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى:" الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ «٢» اللَّهِ" [الرعد: ٢٨]، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ شَأْنِهِمُ الصد. ولو قال إن الذين كفروا وصدروا لَجَازَ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَفِي كِتَابِي عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ- وَهُوَ الْوَجْهُ- الْخَبَرُ" نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ". قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا غَلَطٌ، وَلَسْتُ أَعْرِفُ مَا الْوَجْهُ فِيهِ، لِأَنَّهُ جَاءَ بِخَبَرِ" إِنَّ" جَزْمًا، وَأَيْضًا
(١). من ك.(٢). راجع ج ٩ ص ٣١٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute