الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَسارَ بِأَهْلِهِ) قِيلَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ يَذْهَبُ بِأَهْلِهِ حَيْثُ شَاءَ، لِمَا لَهُ عَلَيْهَا مِنْ فَضْلِ الْقِوَامِيَّةِ وَزِيَادَةِ الدَّرَجَةِ إِلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ لَهَا أَمْرًا فَالْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ، وَأَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوَفَّى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ نَارًا) الْآيَةَ. تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي" طه". وَالْجِذْوَةُ بِكَسْرِ الْجِيمِ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ، وَضَمَّهَا حَمْزَةُ وَيَحْيَى، وَفَتَحَهَا عَاصِمٌ وَالسُّلَمِيُّ وَزِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْجِذْوَةُ وَالْجَذْوَةُ وَالْجُذْوَةُ الْجَمْرَةُ الْمُلْتَهِبَةُ وَالْجَمْعُ جِذًا وَجُذًا وَجَذًا قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ" أَيْ قِطْعَةٍ مِنَ الْجَمْرِ، قَالَ: وَهِيَ بِلُغَةِ جَمِيعِ الْعَرَبِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَالْجَذْوَةُ مِثْلَ الْجِذْمَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ الْغَلِيظَةُ مِنَ الْخَشَبِ كَانَ فِي طَرَفِهَا نَارٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
بَاتَتْ حَوَاطِبُ لَيْلَى يَلْتَمِسْنَ لَهَا ... جَزْلَ الْجِذَا غَيْرَ خَوَّارٍ وَلَا دَعِرِ «١»
وَقَالَ:
وَأَلْقَى عَلَى قَيْسٍ مِنَ النَّارِ جِذْوَةً ... شَدِيدًا عَلَيْهَا حَمْيُهَا ولهيبها «٢»
[[سورة القصص (٢٨): آية ٣٠]]
فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٣٠)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا أَتاها) يَعْنِي الشَّجَرَةَ قُدِّمَ ضميرها عليها. (نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ) " مِنْ" الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، أَيْ أَتَاهُ النِّدَاءُ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي مِنْ قِبَلِ الشَّجَرَةِ. وَ" مِنَ الشَّجَرَةِ" بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ" مِنْ شاطِئِ الْوادِ" بَدَلُ الِاشْتِمَالِ، لِأَنَّ الشَّجَرَةَ كَانَتْ نَابِتَةً عَلَى الشَّاطِئِ، وَشَاطِئُ الْوَادِي وَشَطُّهُ جَانِبُهُ، وَالْجَمْعُ شُطَّانٌ وشواطئ، ذكره الْقُشَيْرِيُّ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ شَاطِئُ الْأَوْدِيَةِ وَلَا يُجْمَعُ. وَشَاطَأْتُ الرَّجُلَ إِذَا مَشَيْتُ عَلَى شَاطِئٍ
(١). الخوار هنا العود الذي يتقصف والمدعر الذي إذا وضع على النار لم يستوقد ودخن.(٢). ويروى:شديدا عليها حرها والتهابها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute