لَفَّاءُ: أَيْ غَلِيظَةُ السَّاقِ مُجْتَمِعَةُ اللَّحْمِ. وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: وَنُخْرِجُ بِهِ جَنَّاتٍ أَلْفَافًا، فَحُذِفَ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. ثُمَّ هَذَا الِالْتِفَافُ وَالِانْضِمَامُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَشْجَارَ فِي الْبَسَاتِينِ تَكُونُ مُتَقَارِبَةً «١»، فَالْأَغْصَانُ من كل شجرة متقاربة لقوتها.
[سورة النبإ (٧٨): الآيات ١٧ الى ٢٠]
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً (١٨) وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (٢٠)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً) أَيِ وَقْتًا وَمَجْمَعًا وَمِيعَادًا لِلْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، لِمَا وَعَدَ اللَّهُ مِنَ الْجَزَاءِ وَالثَّوَابِ. وَسُمِّيَ يَوْمَ الْفَصْلِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ خَلْقِهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ أَيْ لِلْبَعْثِ فَتَأْتُونَ أَيْ إِلَى مَوْضِعِ الْعَرْضِ. أَفْواجاً أَيْ أُمَمًا، كُلُّ أُمَّةٍ مَعَ إِمَامِهِمْ. وَقِيلَ: زُمَرًا وَجَمَاعَاتٍ. الْوَاحِدُ: فَوْجٌ. وَنَصَبَ يَوْمًا بَدَلًا مِنَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ. وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا مُعَاذَ [بْنَ جَبَلٍ «٢»] لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ أَمْرٍ عَظِيمٍ) ثُمَّ أَرْسَلَ عَيْنَيْهِ بَاكِيًا، ثُمَّ قَالَ: (يُحْشَرُ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ مِنْ أُمَّتِي أَشْتَاتًا قَدْ مَيَّزَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ جَمَاعَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَبَدَّلَ صُوَرَهُمْ، فَمِنْهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقِرَدَةِ وَبَعْضُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْخَنَازِيرِ وَبَعْضُهُمْ مُنَكَّسُونَ: أَرْجُلُهُمْ أَعْلَاهُمْ، وَوُجُوهُهُمْ يُسْحَبُونَ عَلَيْهَا، وَبَعْضُهُمْ عُمْيٌ يَتَرَدَّدُونَ، وَبَعْضُهُمْ صُمٌّ بُكْمٌ لَا يَعْقِلُونَ، وَبَعْضُهُمْ يَمْضُغُونَ أَلْسِنَتَهُمْ، فَهِيَ مُدَلَّاةٌ عَلَى صُدُورِهِمْ، يَسِيلُ الْقَيْحُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ لُعَابًا، يَتَقَذَّرُهُمْ أَهْلُ الْجَمْعِ، وَبَعْضُهُمْ مُقَطَّعَةٌ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ، وَبَعْضُهُمْ مُصَلَّبُونَ عَلَى جُذُوعٍ مِنَ النَّارِ، وَبَعْضُهُمْ أَشَدُّ نَتْنًا مِنَ الْجِيَفِ، وَبَعْضُهُمْ مُلْبَسُونَ جَلَابِيبَ سَابِغَةً مِنَ الْقَطِرَانِ لَاصِقَةً بِجُلُودِهِمْ، فَأَمَّا الَّذِينَ عَلَى صُورَةِ الْقِرَدَةِ فَالْقَتَّاتُ مِنَ النَّاسِ- يَعْنِي النَّمَّامَ- وَأَمَّا الَّذِينَ عَلَى صورة الخنازير، فأهل
(١). في ا، ح: متقاربة الأغصان من كل .. إلخ.(٢). [بن جبل]: ساقطة من الأصل المطبوع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute