الْجَنَّةَ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ" «١» الْآيَةَ. وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ ابن كعب القرظي. وقيل: معنى" وَعْداً مَسْؤُلًا" أَيْ وَاجِبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ كَالدَّيْنِ، حُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ: لَأُعْطِيَنَّكَ أَلْفًا. وَقِيلَ:" وَعْداً مَسْؤُلًا" يَعْنِي أَنَّهُ وَاجِبٌ لَكَ فَتَسْأَلُهُ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: سَأَلُوا اللَّهَ الْجَنَّةَ فِي الدُّنْيَا وَرَغِبُوا إِلَيْهِ بِالدُّعَاءِ، فَأَجَابَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَى مَا سَأَلُوا وَأَعْطَاهُمْ مَا طَلَبُوا. وَهَذَا يَرْجِعُ إلى القول الأول.
[سورة الفرقان (٢٥): الآيات ١٧ الى ١٩]
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) قالُوا سُبْحانَكَ مَا كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً (١٨) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً (١٩)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) قَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَحُمَيْدٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَحَفْصٌ وَيَعْقُوبُ وَأَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ الدُّورِيِّ" يَحْشُرُهُمْ" بِالْيَاءِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ، لِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ:" كانَ عَلى رَبِّكَ" وَفِي آخِرِهِ" أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ". الْبَاقُونَ بِالنُّونِ عَلَى التَّعْظِيمِ. (وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَسِيحِ وَعُزَيْرٍ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ. الضَّحَّاكُ وَعِكْرِمَةُ: الْأَصْنَامُ. (فَيَقُولُ) قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِالْيَاءِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو حَيْوَةَ بِالنُّونِ عَلَى التَّعْظِيمِ. (أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ) وَهَذَا اسْتِفْهَامُ تَوْبِيخٍ لِلْكُفَّارِ. (قالُوا سُبْحانَكَ) أَيْ قَالَ الْمَعْبُودُونَ مِنْ دُونَ اللَّهِ سُبْحَانَكَ، أَيْ تَنْزِيهًا لَكَ (مَا كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ). فَإِنْ قِيلَ: «٢» فَإِنْ كَانَتِ الْأَصْنَامُ الَّتِي تُعْبَدُ تُحْشَرُ فَكَيْفَ تَنْطِقُ وَهِيَ جَمَادٌ؟ قِيلَ لَهُ: يُنْطِقُهَا اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا يُنْطِقُ الْأَيْدِيَ وَالْأَرْجُلَ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَأَبُو جَعْفَرٍ:" أَنْ نُتَّخَذَ" بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْخَاءِ عَلَى الْفِعْلِ الْمَجْهُولِ. وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ النَّحْوِيُّونَ، فَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ وعيسى بن عمر:
(١). ١٥ ص ٢٩٣.(٢). في ط: فإذا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute