بَادِرْ بِخَيْرٍ إِذَا مَا كُنْتَ مُقْتَدِرًا ... فَلَيْسَ فِي كُلِّ وَقْتٍ أَنْتَ مُقْتَدِرُ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْجُمَّانِيُّ فَأَحْسَنَ:
لَيْسَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَأَوَانِ ... تَتَهَيَّأْ صَنَائِعُ الْإِحْسَانِ
وَإِذَا أَمْكَنْتَ فَبَادِرْ إِلَيْهَا ... حَذَرًا مِنْ تَعَذُّرِ الْإِمْكَانِ
وَقَدْ مَضَى فِي" الْبَقَرَةِ" «١» الْقَوْلُ فِي الْمُحْسِنِ وَالْإِحْسَانِ فَلَا معنى للإعادة.
[[سورة آل عمران (٣): آية ١٣٥]]
وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥)
فِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ صِنْفًا، هُمْ دُونَ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ فَأَلْحَقَهُمْ بِهِ «٢» بِرَحْمَتِهِ وَمَنِّهِ، فَهَؤُلَاءِ هُمُ التَّوَّابُونَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي نَبْهَانَ التَّمَّارِ- وَكُنْيَتُهُ أَبُو مُقْبِلٍ- أَتَتْهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ بَاعَ مِنْهَا تَمْرًا، فَضَمَّهَا إِلَى نَفْسِهِ وَقَبَّلَهَا فَنَدِمَ «٣» عَلَى ذَلِكَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ له، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ- وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ- ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ-" وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ" الْآيَةَ، وَالْآيَةَ الْأُخْرَى- وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نفسه [النساء: ١١٠] «٤». وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَهَذَا عَامٌّ. وَقَدْ تَنْزِلُ الْآيَةُ بِسَبَبٍ خَاصٍّ ثُمَّ تَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ. وقد قيل: إن سبب نزولها أن ثقفيا خَرَجَ فِي غَزَاةٍ وَخَلَّفَ صَاحِبًا لَهُ أَنْصَارِيًّا على أهله، فخانه فيها بأن
(١). راجع ج ١ ص ٤١٥.(٢). في ابن عطية: بهم.(٣). في ب ود وهـ: ثم.(٤). راجع ج ٥ ص ٣٨٠. [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute