فَتَتْرُكَ صِيَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَالِمَةً بِطُهْرِهَا، فَإِنْ فَعَلَتِ اسْتَأْنَفَتْ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرِيضِ الَّذِي قَدْ صَامَ مِنْ شَهْرَيِ التَّتَابُعِ بَعْضَهَا عَلَى قَوْلَيْنِ، فَقَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُفْطِرَ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ فَيُفْطِرَ. وَمِمَّنْ قَالَ يَبْنِي فِي الْمَرَضِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَطَاوُسٌ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: يَسْتَأْنِفُ فِي الْمَرَضِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهُ يَبْنِي كَمَا قَالَ مَالِكٌ. وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: يَقْضِي ذَلِكَ الْيَوْمَ وَحْدَهُ إِنْ كَانَ عُذْرٌ غَالِبٌ كَصَوْمِ رَمَضَانَ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: حُجَّةُ مَنْ قَالَ يَبْنِي لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِي قَطْعِ التَّتَابُعِ لِمَرَضِهِ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ، وَقَدْ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْ غَيْرِ الْمُتَعَمِّدِ. وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ يَسْتَأْنِفُ لِأَنَّ التَّتَابُعَ فَرْضٌ لَا يَسْقُطُ لِعُذْرٍ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ الْمَأْثَمُ، قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، لأنها ركعات متتابعات فإذا قطعها عذرا ستأنف وَلَمْ يَبْنِ. التَّاسِعَةُ عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ) نَصْبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَمَعْنَاهُ رُجُوعًا. وَإِنَّمَا مَسَّتْ حَاجَةُ الْمُخْطِئِ إِلَى التَّوْبَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَرَّزْ وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَتَحَفَّظَ. وَقِيلَ: أَيْ فَلْيَأْتِ بِالصِّيَامِ تَخْفِيفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ بِقَبُولِ الصَّوْمِ بَدَلًا عَنِ الرَّقَبَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ «١»). أَيْ خَفَّفَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ «٢»). الْمُوَفِّيَةُ عِشْرِينَ- (وَكانَ اللَّهُ) أَيْ فِي أَزَلِهِ وَأَبَدِهِ. (عَلِيماً) بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ. (حَكِيماً) فِيمَا حَكَمَ وأبرم.
[[سورة النساء (٤): آية ٩٣]]
وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً (٩٣)
(١). راجع ج ٢ ص ٣١٤.(٢). راجع ج ١٩ ص ٥٠ [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute