[[سورة الإسراء (١٧): آية ٥٤]]
رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (٥٤)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) هَذَا خِطَابٌ لِلْمُشْرِكِينَ، وَالْمَعْنَى: إِنْ يَشَأْ يُوَفِّقْكُمْ لِلْإِسْلَامِ فَيَرْحَمْكُمْ، أو يميتكم على الشرك فيعذبكم، قاله ابن جريج. و" أَعْلَمُ" بِمَعْنَى عَلِيمٍ، نَحْوَ قَوْلِهِمْ: اللَّهُ أَكْبَرُ، بِمَعْنَى كَبِيرٌ. وَقِيلَ: الْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ، أَيْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ بِأَنْ يَحْفَظَكُمْ مِنْ كُفَّارِ مَكَّةَ، أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ بِتَسْلِيطِهِمْ عَلَيْكُمْ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ. (وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا) أَيْ وَمَا وَكَّلْنَاكَ فِي مَنْعِهِمْ مِنَ الْكُفْرِ وَلَا جَعَلْنَا إِلَيْكَ إِيمَانَهُمْ. وَقِيلَ: مَا جَعَلْنَاكَ كَفِيلًا لَهُمْ تُؤْخَذُ بِهِمْ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
ذَكَرْتُ أَبَا أَرْوَى فَبِتُّ كَأَنَّنِي ... بِرَدِّ الْأُمُورِ الْمَاضِيَاتِ وَكِيلُ
أي كفيل.
[[سورة الإسراء (١٧): آية ٥٥]]
وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (٥٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) أَعَادَ بَعْدَ أَنْ قَالَ:" رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ" لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ خَالِقُهُمْ وَأَنَّهُ جَعَلَهُمْ مُخْتَلِفِينَ فِي أَخْلَاقِهِمْ وَصُوَرِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ وَمَالِهِمْ" أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ «١» ". وَكَذَا النَّبِيُّونَ فُضِّلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عَنْ عِلْمٍ مِنْهُ بِحَالِهِمْ. وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا فِي" الْبَقَرَةِ «٢» ". (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) الزَّبُورُ: كِتَابٌ لَيْسَ فِيهِ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ، وَلَا فَرَائِضٌ وَلَا حُدُودٌ، وَإِنَّمَا هُوَ دُعَاءٌ وَتَحْمِيدٌ وَتَمْجِيدٌ. أَيْ كَمَا آتَيْنَا دَاوُدَ الزَّبُورَ فَلَا تُنْكِرُوا أَنْ يُؤْتَى مُحَمَّدٌ الْقُرْآنَ. وهو في محاجة اليهود.
[[سورة الإسراء (١٧): آية ٥٦]]
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (٥٦)
(١). راجع ج ١٨ ص ٢١٣.(٢). راجع ج ٣ ص ٢٦١ فما بعد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute