إِلَّا هَاءَ (هَذِهِ). وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: هَاتَا هِنْدٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هَاتِي هِنْدٌ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: هَذِهْ هِنْدٌ بِإِسْكَانِ الْهَاءِ. وَحَكَى الْكِسَائِيُّ عَنِ الْعَرَبِ: وَلَا تَقْرَبَا هَذِي الشَّجَرَةَ. وَعَنْ شِبْلِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ لَا يُثْبِتَانِ الْهَاءَ فِي (هَذِهِ) فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ. وَقِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ (رَغَداً) بِفَتْحِ الْغَيْنِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ وَثَّابٍ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهُمَا سَكَّنَا الْغَيْنَ. وَحَكَى سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ قال يقال: هذه فعلت وهذى فعلت فإثبات ياء بعد الذال. وهذا فَعَلَتْ بِكَسْرِ الذَّالِ مِنْ غَيْرِ إِلْحَاقِ يَاءٍ وَلَا هَاءٍ. وَهَاتَا فَعَلَتْ. قَالَ هِشَامٌ وَيُقَالُ: تافعلت. وَأَنْشَدَ:
خَلِيلَيَّ لَوْلَا سَاكِنُ الدَّارِ لَمْ أَقُمْ ... بِتَا الدَّارِ إِلَّا عَابِرَ ابْنِ سَبِيلِ
قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَتَا بِإِسْقَاطِ هَا بِمَنْزِلَةِ ذِي بِإِسْقَاطِ هَا مِنْ هَذِي وَبِمَنْزِلَةِ ذِهِ بِإِسْقَاطِ هَا مِنْ هَذِهِ. وَقَدْ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قال هذه قَامَتْ لَا يُسْقِطُ هَا لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَكُونُ عَلَى ذَالٍ وَاحِدَةٍ." فَتَكُونا" عَطْفٌ عَلَى" تَقْرَبا" فَلِذَلِكَ حُذِفَتِ النُّونُ. وَزَعَمَ الْجَرْمِيُّ «١» أَنَّ الفاء هي الناصبة، وكلاهما جائز.
[[سورة البقرة (٢): آية ٣٦]]
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٣٦)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كَانَا فِيهِ) فِيهِ عَشْرُ مَسَائِلَ: الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها" قَرَأَ الْجَمَاعَةُ" فَأَزَلَّهُمَا" بِغَيْرِ أَلِفٍ، مِنَ الزَّلَّةِ وَهِيَ الْخَطِيئَةُ، أَيِ اسْتَزَلَّهُمَا وَأَوْقَعَهُمَا فِيهَا. وَقَرَأَ حَمْزَةُ" فَأَزَالَهُمَا" بِأَلِفٍ، مِنَ التَّنْحِيَةِ، أَيْ نَحَّاهُمَا. يُقَالُ: أَزَلْتُهُ فَزَالَ. قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: فَأَزَالَهُمَا مِنَ الزَّوَالِ، أَيْ صَرَفَهُمَا عَمَّا كَانَا عَلَيْهِ مِنَ الطَّاعَةِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ. قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْقِرَاءَتَانِ بِمَعْنًى، إِلَّا أَنَّ قِرَاءَةَ الْجَمَاعَةِ أَمْكَنُ فِي الْمَعْنَى. يُقَالُ مِنْهُ: أَزْلَلْتُهُ فَزَلَّ. وَدَلَّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى:" إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا «٢» " [آل عمران: ١٥٥]، وقوله:
(١). الجرمي (بفتح الجيم وسكون الراء): صالح بن إسحاق أبو عمر مولى جرم، لغوي مشهور. (عن بغية الوعاة).(٢). راجع ج ٤ ص ٢٤٣
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute