الْعَيْنِ، وَأَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ بِأَنْ أَرْسِلْ قَمِيصَكَ فَإِنَّ فيه ريح الجنة، و [إن «١»] رِيحَ الْجَنَّةِ لَا يَقَعُ عَلَى سَقِيمٍ «٢» وَلَا مُبْتَلًى إِلَّا عُوفِيَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْلَمَ يُوسُفَ بِذَلِكَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْهِ بَصَرُهُ، وَكَانَ الَّذِي حَمَلَ قَمِيصَهُ يَهُوذَا، قَالَ لِيُوسُفَ: أَنَا الَّذِي حَمَلْتُ إِلَيْهِ قَمِيصَكَ بِدَمٍ كَذِبٍ فَأَحْزَنْتُهُ، وَأَنَا الَّذِي أَحْمِلُهُ الْآنَ لِأُسِرَّهُ، وَلِيَعُودَ إِلَيْهِ بَصَرُهُ، فَحَمَلَهُ، حَكَاهُ السُّدِّيُّ. (وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) لِتَتَّخِذُوا مِصْرَ دَارًا. قَالَ مَسْرُوقٌ: فَكَانُوا ثَلَاثَةً وَتِسْعِينَ، مَا بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْقَمِيصَ الَّذِي بَعَثَهُ هُوَ الْقَمِيصُ الَّذِي قُدَّ مِنْ دبره، ليعلم يعقوب أنه عصم من الزنى، وَالْقَوْلِ الْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذكره القشيري والله أعلم.
[سورة يوسف (١٢): الآيات ٩٤ الى ٩٩]
وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ (٩٤) قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥) فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٩٦) قالُوا يَا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (٩٧) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٩٨)
فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (٩٩)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ) أَيْ خَرَجَتْ مُنْطَلِقَةً مِنْ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ، يُقَالُ: فَصَلَ فُصُولًا، وَفَصَلْتُهُ فَصْلًا، فَهُوَ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ. (قالَ أَبُوهُمْ) أَيْ قَالَ لِمَنْ حَضَرَ مِنْ قَرَابَتِهِ مِمَّنْ لَمْ يَخْرُجْ إِلَى مِصْرَ وَهُمْ وَلَدُ وَلَدِهِ: (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ). وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَرَجَ بَعْضُ بَنِيهِ، فَقَالَ لِمَنْ بَقِيَ:" إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَاجَتْ «٣» رِيحٌ فَحَمَلَتْ رِيحَ قَمِيصِ يُوسُفَ إِلَيْهِ، وَبَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ ثَمَانِ لَيَالٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَسِيرَةُ عَشْرِ لَيَالٍ،
(١). من ى.(٢). في ى: هبت.(٣). من ى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute