كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" «١» [آل عمران: ١١٠]. وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ عَلَى كُلِّ الْعَالَمِينَ بِمَا جُعِلَ فِيهِمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. وَهَذَا خَاصَّةً لَهُمْ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ، حَكَاهُ ابْنُ عِيسَى وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَيَكُونُ قَوْلُهُ:" كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ" أَيْ بَعْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقِيلَ: يَرْجِعُ هَذَا الِاخْتِيَارُ إِلَى تَخْلِيصِهِمْ مِنَ الْغَرَقِ وإيراثهم الأرض بعد فرعون.
[[سورة الدخان (٤٤): آية ٣٣]]
وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ (٣٣)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ" أَيْ من المعجزات لموسى." ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ" قَالَ قَتَادَةُ: الْآيَاتُ إِنْجَاؤُهُمْ مِنْ فِرْعَوْنَ وَفَلْقُ الْبَحْرِ لَهُمْ، وَتَظْلِيلُ الْغَمَامِ عَلَيْهِمْ وَإِنْزَالُ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى. وَيَكُونُ هَذَا الْخِطَابُ مُتَوَجِّهًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَقِيلَ: إِنَّهَا الْعَصَا وَالْيَدُ. وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ الْفَرَّاءِ. وَيَكُونُ الْخِطَابُ مُتَوَجِّهًا إِلَى قَوْمِ فِرْعَوْنَ. وَقَوْلٌ ثَالِثٌ- إِنَّهُ الشَّرُّ الَّذِي كَفَّهُمْ عَنْهُ وَالْخَبَرُ الَّذِي أَمَرَهُمْ بِهِ، قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ. وَيَكُونُ الْخِطَابُ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْفَرِيقَيْنِ مَعًا مِنَ قَوْمِ فِرْعَوْنَ وبني إسرائيل. وفي قوله:" بَلؤُا مُبِينٌ" أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا- نِعْمَةٌ ظَاهِرَةٌ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ. كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً" «٢» [الأنفال: ١٧]. وَقَالَ زُهَيْرٌ:
فَأَبْلَاهُمَا خَيْرَ الْبَلَاءِ الَّذِي يَبْلُو»
الثاني- عذاب شديد، قاله الفراء. الثالث- اختيار يَتَمَيَّزُ بِهِ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْكَافِرِ، قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ. وَعَنْهُ أَيْضًا: ابْتِلَاؤُهُمْ بِالرَّخَاءِ وَالشِّدَّةِ، ثُمَّ قَرَأَ" وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً" «٤» [الأنبياء: ٣٥].
[سورة الدخان (٤٤): الآيات ٣٤ الى ٣٦]
إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٦)
(١). آية ١١ سورة آل عمران.(٢). آية ١٧ سورة الأنفال.(٣). صدره:رأي الله بالإحسان ما فعلا بكم(٤). آية ٣٥ سورة الأنبياء. [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute