وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الْمَسْنُونُ. الْمَنْصُوبُ الْقَائِمُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: وَجْهٌ مَسْنُونٌ إِذَا كَانَ فِيهِ طُولٌ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الصَّلْصَالَ لِلتُّرَابِ الْمُدَقَّقِ، حَكَاهُ الْمَهْدَوِيُّ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الصَّلْصَالَ هُوَ الْمُنْتِنُ فَأَصْلُهُ صلال، فأبدل من إحدى اللامين الصاد. و" مِنْ حَمَإٍ" مُفَسِّرٌ لِجِنْسِ الصَّلْصَالِ، كَقَوْلِكَ: أَخَذْتُ هذا من رجل من العرب.
[[سورة الحجر (١٥): آية ٢٧]]
وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ (٢٧)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ) أَيْ من قبل آدَمَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي إِبْلِيسَ، خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَبْلَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَسُمِّيَ جَانًّا لِتَوَارِيهِ عَنِ الْأَعْيُنِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" لَمَّا صَوَّرَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَهُ فَجَعَلَ إبليس يطيف به وينظر مَا هُوَ فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خلق خلقا لا يتمالك «١» ". (من النار السَّمُومِ) قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: (نَارُ السَّمُومِ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ مِنْهَا الْجَانَّ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: السَّمُومُ الرِّيحُ الْحَارَّةُ الَّتِي تَقْتُلُ. وَعَنْهُ: أَنَّهَا نار لا دخان لها، الصواعق تَكُونُ مِنْهَا، وَهِيَ نَارٌ تَكُونُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْحِجَابِ. فَإِذَا أَحْدَثَ اللَّهُ أَمْرًا اخْتَرَقَتِ الْحِجَابَ فَهَوَتِ الصَّاعِقَةُ إِلَى مَا أُمِرَتْ. فَالْهَدَّةُ «٢» الَّتِي تَسْمَعُونَ خَرْقُ ذَلِكَ الْحِجَابِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: نَارُ السَّمُومِ نَارٌ دُونَهَا حِجَابٌ، وَالَّذِي تَسْمَعُونَ مِنَ انْغِطَاطِ السَّحَابِ صَوْتُهَا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا قَالَ: كَانَ إِبْلِيسُ مِنْ حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ خُلِقُوا مِنْ نَارِ السَّمُومِ مِنْ بَيْنِ الْمَلَائِكَةِ- قَالَ- وَخُلِقَتِ الْجِنُّ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْقُرْآنِ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ. قُلْتُ: هَذَا فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى سَنَدٍ يَقْطَعُ الْعُذْرَ، إِذْ مِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ. وَقَدْ خَرَّجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ". فَقَوْلُهُ:
(١). أي لا يملك نفسه ويحبسها عن الشهوات. وقيل: لا يملك دفع الوسواس عنه.(٢). الهدة: صوت وقع الحائط ونحوه، والهدة: صوت ما يقع من السحاب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute