(نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ" الْحَدِيدِ" «١». (يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا: هَذَا دُعَاءُ الْمُؤْمِنِينَ حِينَ أَطْفَأَ اللَّهُ نُورَ الْمُنَافِقِينَ، حَسْبَ ما تقدم بيانه في سورة" الحديد" «٢».
[[سورة التحريم (٦٦): آية ٩]]
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٩)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) فِيهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ- وَهُوَ التَّشْدِيدُ فِي دِينِ اللَّهِ. فَأَمَرَهُ أَنْ يُجَاهِدَ الْكُفَّارَ بِالسَّيْفِ وَالْمَوَاعِظِ الْحَسَنَةِ وَالدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ. وَالْمُنَافِقِينَ بِالْغِلْظَةِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ، وَأَنْ يُعَرِّفَهُمْ أَحْوَالَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّهُمْ لَا نُورَ لَهُمْ يَجُوزُونَ بِهِ الصِّرَاطَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَيْ جَاهِدْهُمْ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرْتَكِبُونَ مُوجِبَاتِ الْحُدُودِ. وَكَانَتِ الْحُدُودُ تُقَامُ عَلَيْهِمْ. (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) يَرْجِعُ إلى الصنفين. (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي المرجع.
[[سورة التحريم (٦٦): آية ١٠]]
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠)
ضَرَبَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْمَثَلَ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُغْنِي أَحَدٌ فِي الْآخِرَةِ عَنْ قَرِيبٍ وَلَا نَسِيبٍ إِذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الدِّينُ. وَكَانَ اسْمُ امْرَأَةِ نُوحٍ وَالِهَةَ، وَاسْمُ امْرَأَةِ لُوطٍ وَالِعَةَ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ اسْمَ امْرَأَةِ نُوحٍ وَاغِلَةُ وَاسْمَ امْرَأَةِ لُوطٍ وَالِهَةُ. (فَخانَتاهُما) قال عكرمة
(١). راجع ج ١٧ ص (٢٤٣)(٢). راجع ج ١٧ ص ٢٤٥
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute