الثَّانِيَةُ- قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: مَنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ وَلَدِهِ وَوَلَدُ بَنَاتِهِ مَا تَنَاسَلُوا. وَكَذَلِكَ إِذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ. وَالْقَرَابَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ. وَيَسْقُطُ عِنْدَهُ ابْنُ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَابْنُ الْخَالِ وَالْخَالَةِ، لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُحَرَّمِينَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقَرَابَةُ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ وَغَيْرُهُ. فَلَمْ يَسْقُطْ عِنْدَهُ ابْنُ الْعَمِّ «١» وَلَا غَيْرُهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَلَدُ البنات. وقول: لقرابتي وعقبي كقول: لِوَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي. يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَلَدُ الْبَنِينَ وَمَنْ يَرْجِعُ إِلَى عَصَبَةِ الْأَبِ وَصُلْبِهِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَلَدُ الْبَنَاتِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُ هَذَا عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي" آلَ عِمْرانَ «٢» ". والحجة لهما قول سُبْحَانَهُ:" يُوصِيكُمُ اللَّهُ «٣» فِي أَوْلادِكُمْ" فَلَمْ يَعْقِلِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ إِلَّا وَلَدَ الصُّلْبِ وَوَلَدَ الِابْنِ خَاصَّةً. وَقَالَ تَعَالَى:" وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي «٤» الْقُرْبى " فَأَعْطَى عَلَيْهِ السَّلَامُ الْقَرَابَةَ مِنْهُمْ مِنْ أَعْمَامِهِ دُونَ بَنِي أَخْوَالِهِ. فَكَذَلِكَ وَلَدُ الْبَنَاتِ لَا يَنْتَمُونَ إِلَيْهِ بِالنَّسَبِ، وَلَا يَلْتَقُونَ مَعَهُ فِي أَبٍ. قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: وَحُجَّةُ مَنْ أَدْخَلَ الْبَنَاتِ فِي الْأَقَارِبِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ" إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ". وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ فِي وَلَدِ الْبَنَاتِ إِنَّهُمْ وَلَدٌ لِأَبِي أُمِّهِمْ. وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي ذَلِكَ، لِأَنَّ الْوَلَدَ مُشْتَقٌّ مِنَ التَّوَلُّدِ وَهُمْ مُتَوَلِّدُونَ عَنْ أَبِي أُمِّهِمْ لَا مَحَالَةَ، وَالتَّوَلُّدَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَالتَّوَلُّدِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ. وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ) إِلَى قول (مِنَ الصَّالِحِينَ) فَجَعَلَ عِيسَى مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَهُوَ ابْنُ ابْنَتِهِ. الثَّالِثَةُ- قَدْ تَقَدَّمَ فِي النِّسَاءِ «٥» بَيَانُ مَا لَا يَنْصَرِفُ مِنْ هْذِهِ الْأَسْمَاءِ. وَلَمْ يَنْصَرِفْ دَاوُدُ لِأَنَّهُ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ، وَلَمَّا كَانَ عَلَى فَاعُولٍ لَا يَحْسُنُ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لَمْ يَنْصَرِفْ. وَإِلْيَاسُ أَعْجَمِيٌّ. قَالَ الضَّحَّاكُ: كَانَ إِلْيَاسُ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ. وَذَكَرَ الْقُتَبِيُّ قَالَ: كَانَ مِنْ سِبْطِ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ. وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ" وَالِيَاسَ" بِوَصْلِ الْأَلِفِ. وَقَرَأَ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ وَأَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ" وَالْيَسَعَ" بِلَامٍ مُخَفَّفَةٍ. وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ إِلَّا عَاصِمًا" وَاللَّيْسَعَ".
(١). في ك: ابن العمة.(٢). راجع ج ٤ ص ١٠٤.(٣). راجع ج ٥ ص ٥٤ وص ١٥ ج ٦.(٤). راجع ج ٨ ص ١.(٥). راجع ج ٥ ص ٥٤ وص ١٥ ج ٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute