" آللهُ أرسلك " بهمزة الاستفهام في أوّله، وأصله أأدلهُ بهمزتين مفتوحتين،
فقلبت الثانية ألفًا للتخفيف فصار: " آلله " - بالمد. قوله: " اللهم نَعَم "
ذكر " اللهم " هاهنا ليدل على تيقن المُجيب في الجواب، كأنه يناديه
تعالى مُستشهدا على ما قال من الجواب، كما في قولك لمن قال: أزيد
قائم: اللهم نعم. وقد ذكرنا مثل هذا مرةً.
فإن قيل: كيف قنع هذا الرجل باليمن ولم يطلب الدليل؟ قلت: إنه
استقرأ الأدلة قبل ذلك وأكَّد باليمن. قوله: " ضمام " بكسر الضاد
المعجمة؛ وكانت بنو سَعد بن بكر بعثوه وافدا إلى رسول الله، قال ابن
عباس: فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة. وقال
الواقدي عن ابن عباس قال: بعثت بنو سَعد بن بكر في رجب سنة خمس
من الهجرة. ويُستفاد من الحديث فوائد؛ الأولى: جواز دخول الكافر
المسجد؛ وهو حجة على مالك حيث منعه عن ذلك مستدلا بقوله: (إنَّما
المُشرِكُونَ نَجَسٌ) (١) قلنا: المراد به: نجاسة الاعتقاد؛ لا نجاسة الذاتَ.
الثانية: جواز إدخال الحيوان الذي يؤكل لحمه في السجد لأجل الحاجة.
الثالثة: فيه حجة لمن يقول بطهارة بول ما يؤكل لحمه من الحيوان،
فافهم وغير ذلك من الفوائد التي يستخرجها مَن له ذهن ذكي، وفهم
قوي.
٤٦٩- ص- نا محمد بن عَمرو: نا سلمة: حدثني محمد بن إسحاق:
حدثني سلمة بن كُهيل ومحمد بن الوليد بن نُوَيفع، عن كُريب، عن ابن
عباس قال: بَعَثَت بنُو سَعدِ بنِ بَكرٍ ضمَامَ بنَ ثعلبةَ إلى رسول الله، فَقدمَ
عليه، فأناخَ بَعيرَه على باب المسجد، َ ثم عَقَلَهُ، ثم دَخَل المسجَدَ. فذكَرَ
نحوه، قال: فقال: أيُّكُم ابن عبد المطَلب؟ فقال رسول الله: " أنا ابن
عبدِ المطلبِ " قال: يا ابنَ عبدِ المطلَبِ، وسَاق الحديثَ (٢) .
ش- محمد بن عَمرو: الطلاّس المَعروف بزُنَيج؛ وقد مر، وسلمة:
ابن الفضل، أبو عبد الله الأبرش، وسلمة بن كُهيل: الكوفي.
(١) سورة التوبة: (٢٨) .
(٢) تفرد به أبو داود.