قوله: " فذكر معناه " أي: معنى الحديث المذكور. واختلف في نقل
الحديث بالمعنى، فقالت طائفة من أصحاب الحديث، والفقه،
والأصول: لا يجوز مطلقاً، وجوز بعضهم في غير حديث النبي- عليه
السلام- ولم يجوزوا فيه، وعند الجمهور يجوز في الجميع. إذا جزم بأنه
أدى المعنى، وهذا هو الصواب الذي تقتضيه أحوال الصحابة فمن بعدهم
في روايتهم القضية الواحدة بألفاظ مختلفة.
قوله: " فلم ينشب " يقال: لم ينشب أن فعل كذا، أي: لم يلبث،
وحقيقته: لم يتعلق بشيء غيره ولا سواه من نشب الشيء ينشبُ- مثل:
علم يعلم- نُشوباً، أي: علق فيه، وأنشبته أنا: أعلقته فانتشب،
وأنشب العابد: أعلق، ونشبت الحرب بينهم: علقت، و " أن " في
قوله: " أن جاء " مفسرة، مثل قوله تعالى: (فأوْحيْنا (١) إليْه أن اصْنع
الفُلك) (٢) ، ويجوز أن تكون مصدرية، والمعنى لم يلبث مجيئه.
قوله: " يتقلع يتكفأ " حالان إما من الأحوال المتداخلة، أو من الأحوال
المترادفة، ومعنى " يتقلع: يمشي بقوة، كأنه يرفع رجليه من الأرض رفعاً
قويا، لا كمن يمشي اختيالاً ويقارب خطاه، فإن ذلك من مشي الشاء،
ويوصفْن به. ومعنى " يتكفأ " يتمايل كما تتمايل السفينة يميناً وشمالاً،
كذا فسره بعضهم. وقال الأزهري: " هذا خطأ، وهذه مشية المختال،
وإنما معناه: يميل إلى جهة ممشاه ومقصده، وقد يكون مذموماً إذا قُصد،
فأما إذا كان خلْقة فلا ". وقال ابن الأثير (٣) : " روي غير مهموز،
والأصل الهمز، وبعضهم يرويه مهموزاً، ومعنى " يتكفأ ": يتمايل إلى
قُدام ".
١٣٣- ص- ونا محمد بن يحيى بن فارس قال: نا أبو عاصم قال: نا
ابن جريج بهذا الحديث قال فيه: " إذا توضأت فمضمض " (٤) .
(١) في الأصل: " وأوحينا ".
(٢) سورة المؤمنون: (٢٧) .
(٣) النهاية (٤/١٨٣) .
(٤) انظر الحديث رقم (١٣١) .