وليس وراء ذلك الحمد منتهى، ولم ينته أحد من خلق الله في الحمد مبلغه ومنتهاه، وبهذه الرتبة استحق أن يُسمى أحمد لأنه كان أحمد من سواه.
وقوله: "بعدُ" مبني على الضم، لأنه قطع عن الإضافة فبني على
الضم كما قد عرف في موضعه.
قوله: " وشق سمعه وبصره" من الشَق- بفتح الشن- أي: فلق
وفتح، والشق- بكسر الشين- نصف الشيء. واستدل الزهري بقوله:
" سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره " على أن الأذنين
من الوجه. وعند أبي حنيفة هما من الرأس، لقوله- عليه السلام-:
" الأذنان من الرأس "، والمراد به: بيان الحكم لا الخلقة. قال جماعة:
أعلاهما من الرأس وأوسطهما من الوجه. وقال آخرون: ما أقبل على
الوجه فمن الوجه، وما أدبر فمن الرأس. وقال الشافعي: هما عضوان
مستقلان لا من الرأس ولا من الوجه.
والجواب للجمهور عن احتجاج الزهري: أن المراد بالوجه جملة
الذات، / كقوله تعالى: (كل شَيْء هَالك إلا وَجْهَه) (١) ، ويؤيد هذا [١/٢٥٤-أ] أن السجود يقع بأعضاء أخر مع الوجه، والثاني: أن الشيء يضاف إلى ما يجاوره، كما يقال: بساتين البلد.
قوله: " تبارك الله أحسن الخالقين " أي: المقدرين والمصورين، ومعنى
تبارك: تعالى وتعاظم، وقد مر الكلام فيه مستوفى.
قوله: " ما قدمت" أي: من الذنوب.
قوله: " وما أخرت " أي: من الأعمال، قال الله تعالى: (ينَبأ
الإِنسَانُ يَوْمَئِذ بِمَا قَدمَ وأخرَ) (٢) .
قوله: " وما أسررت " أي: وما أخفيت من الأعمال، و " ما أعلنت "
بها أي: جهرت بها.
(١) سورة القصص: (٨٨) .
(٢) سورة القيامة: (١٣) .