ثم عزم على تصنيف الموطأ، فعمل من كان بالمدينة يومئذ من العلماء (١٦٦) الموطيات فقيل لمالك:
شغلت نفسك بعمل هذا الكتاب وقد شركك فيه الناس وعملوا أمثاله، فقال: ايتونى بها، فنظر فيه ثم نبذه، وقال: لتعلمن ما أريد به وجه الله تعالى.
قال مطرف: قال لي مالك: ما يقول الناس في موطئى؟ فقلت: الناس رجلان: محب مطر، وحاسد مفتر. فقال: أن مد بك العمر، فسترى ما يراد به الله (١٦٧).
قال: فكأنما ألقيت تلك الكتب في الآبار، ما سمع منها بعد ذلك شيء يذكر.
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما وضع مالك الموطأ، جعل أحاديث زيد في آخر الأبواب، فقلت له في ذلك، فقال: أنها كالشرح لما قبلها.
قال أبو داود: قيل لمالك: ليس في كتابك حديث غريب. قال: سررتني.
وقال أبو زرعة: لو حلف رجلا بالطلاق على أحاديث مالك التي بالموطأ أنها صحاح كلها، لم يحنث، ولو حلف على أحاديث غيره كان حانثا.
وقال ابن سوار الجرمى (١٦٨): سمعت مالكا يقول: "الأمر عندنا كذا" فأخبرت به ابن أبي ذيب، فقال: ما يحل لمالك أن يقول هذا، ليس هذا مما ظن عليه (١٦٩).
قال: فأعلمت به مالكا، فقال: أنا لا أعتد برأى ابن أبي ذيب، أنما أعتد بمن أدركته من أهل العلم.
(١٦٦) ما بين خطين مائلين ساقط من نسخة: أ. (١٦٧) ك: ما يراد به الله - أ: ما يريد به الله. (١٦٨) أ، ط: ابن سوار الجرمي - ك: ابن سوار الجدي - م: ابن أبي سوار الجدي. (١٦٩) أ، ط: مما ظن عليه - ك، م: مما نحن عليه.