قال ابن مفرج: وكان أفقه أهل زمانه، وأنفقهم للرأي؛ وكان أحفظ الناس لمذهب مالك واختلاف أصحابه، لا يلحقه أحد من المتقدمين في عصره، ولا يقوم به أحد من طبقته؛ وكان متفننًا [١] في علوم الشريعة، وأطلب الناس لنجاة الناس عند مضايق الفتيا؛ وكان في الحفظ آية من آيات الله، أقر له أصحابه كلهم بذلك، وكانوا يقولون: أبو عمر المكوي أحفظ منا للعلم كثيرًا.
وسمع أبو محمد الشقاق الفقيه يوم دفنه يقول على قبره: رحمك الله يا أبا عمر، فلقد فضحت الفقهاء بقوة حفظك في حياتك، ولتفضحنهم بعد مماتك [٢]: أشهد أني ما رأيت أحدًا أحفظ للسنة [٣] كحفظك، ولا أعلم [٤] من وجوهها كعلمك.
وكان ابن زرب على تقدمه يعترف له بذلك، ولقد قال يومًا [٥] لأصحابه - بعد خروجه عنه، وثنائه عليه في وجهه -: يا أصحابنا الحق خير ما قيل، أبو عمر - والله - أحفظ منا كلنا؛ وقد كانت
[١] متفننا: أ ط، متقنا: ن. [٢] بعد مماتك: أ ط، بعد في مماتك: ن. [٣] أحفظ السنة: أ، حفظ السنة: ط ن. [٤] أعلم: أ، علم: ط ن. [٥] يوما: أ ط - ن.