البابي [١] الشافعي يقول: لو أوصى رجل بثلث ماله لأفصح الناس، لوجب أن يدفع إلى أبي بكر الأشعري (١). وكان بعضهم يقول: جاء في الأثر: أن الله كان يتعاهد عباده بأنبيائه ورسله، فلما ختم الرسل محمد ﷺ، تعاهد أمته في رأس كل مائة برباني من علمائها، يحيي لها دينها، ويجدد شريعتها؛ فكان إمام رأس الأربعمائة أبو بكر بن الطيب.
ذكر فضله [٢] وسيرته ووفاته:
قال أبو عبد الله الصيرفي: كان صلاح القاضي أكثر من علمه، وما نفع الله هذه الأمة بكتبه، وبثها فيهم، إلا بحسن نيته، واحتسابه بذلك؛ وقال: وكان [٣] يدرس نهاره وأكثر ليله. وذكر من فضائله [٤] كثيرًا.
وحكى أبو بكر الخطيب: أن ورد القاضي كل ليلة، كان عشرين ترويحة، ما تركها في حضر ولا سفر؛ وكان كل ليلة إذا صلى العشاء وقضى ورده، وضع الدواة بين يديه، وكتب خمسًا وثلاثين ورقة - تصنيفًا من حفظه، وكان يذكر أن كتابه بالمداد، أسهل عليه من الكتاب [٥] بالحبر؛ فاذا صلى الفجر، دفع إلى بعض أصحابه ما صنفه ليلته، وأمره يقراءته عليه، وأملى عليه الزيادات فيه.