كان أبو محمد ﵀ من أهل الصلاح والورع والفضل، وذكر أنه ﵀ قام ذات ليلة للوضوء، فصب الماء من القلة في الإناء فانهرق، ثم صبه ثانية فانهرق، ثم جرى له ذلك ثالثة [١] فاستراب. وقال تتمردون علينا، فسمع من يقول له - ولا يراه -[٢] أن الصبي بال فرش على القلة فكرهنا وضؤك منها.
ولما ألف كتبه على الفكرية، ونقض كتاب [٣] عبد الرحمان الصقلي بتأليفه الكشف، وكتاب الاستظهار ورد كثيرا مما نقلوه من خرق العادات على ما قرره في كتابه شنعت [٤] المتصوفة. وكثير من أصحاب الحديث عليه ذلك، وأشاعوا أنه نفى الكرامات، وهو ﵁ لم يفعل، بل من طالع كتابه عرف مقصده، فرد عليه جماعة من أهل الأندلس ومن أهل المشرق، وألفوا عليه تواليف معروفة ككتاب أبي الحسن بن جهضم الهمداني وكتاب أبى بكر الباقلاني، وأبي عبد الرحمان [٥] بن شق الليل، وأبى الليل، وأبى عمر الطلمنكي في آخرين. وكان أرشدهم [٦] في ذلك وأعرفهم بغرضه ومقداره، إمام وقته القاضي أبو بكر بن الطيب الباقلاني فإنه بين مقصوده.
قال الطلمنكي: كانت تلك من أبي محمد بادرة لها أسباب، أوجبها التنافر [٧] الذي يقع بين العلماء عندنا رجوعه عنها، ولم يرد [٨] في ظاهر أمره إلا تحصين
[١] ثالثة: أ ط، ثلاثا: م. [٢] له ولا يراه، أ ط - م. [٣] كتاب: ط م. كتب: أ. [٤] كتاب شنعت، أط، كناب شنع، م. [٥] وأبي عبد الرحمان: أط. وأبي عبد الله. م. [٦] أرشدهم: أ. أشدهم، ط م. [٧] التنافر، م، التغيير، أط. [٨] يرد: أط. يزل. م.