واحتج مرة أخرى في ذلك بقوله تعالى:"للفقراء المهاجرين" الثلاث آيات (٨٢). قال: فهم أصحاب رسول الله ﷺ الذين هاجروا معه، وأنصاره، والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، الآية. فمن عادى هؤلاء فلا حق له فيه.
* * *
قال إسحاق بن عيسى: رأيت رجلًا من أهل المغرب جاء مالك بن أنس فقال: أن الأهواء كثرت قبلنا، فجعلت على نفسي * إن أنا رأيتك أن آخذ بما تأمرنى به، فوصف له مالك شرائع الإسلام: الصلاة والزكاة والصوم والحج، ثم قال: خذ بها ولا تخاصم أحدا.
قال ابن وهب وغير واحد: سئل مالك عن أهل القدر: أنكف عن كلامهم؟
قال: نعم، إذا كان عارفا بما هو عليه. قال: ونأمره بالمعروف وننهاه عن المنكر وتخبرهم بخلافهم ولا نواصل القول (٨٣)، ولا يصلى عليهم ولا نشهد جنائزهم، ولا أرى أن يناكحوا.
زاد في رواية غيره: قال الله: "ولعبد مؤمن خير من مشرك"(٨٤).
قال في رواية أشهب: ولا يصلى خلفهم ولا يحمل عنهم الحديث، وإن وافيتموهم في ثغر فأخرجوهم منه.
قال ابن القاسم عنه: ولا يسلم عليهم ولا يعاد مرضاهم.
قال الواقدى عنه: ولا تجوز شهادة القدرى الذي يدعو، ولا الخارجى والرافضي. وقد روى عن مالك منع شهادته مجملا، وروى عنه: إذا كان داعية.
(٨٢) الآيات ٨ و ٩ و ١٠ من سورة الحشر. (٨٣) أ: ولا نواصفوا القول - ك، م: ولا يواضع القول - ط: ولا نواصلوا القول، ولعل الصواب ما أثبتناه. (٨٤) الآية ٢٠٩ من سورة البقرة.