قال ابن نافع وأشهب - وأحدهما يزيد على الآخر -: قلت: يا أبا عبد الله! "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة"(٧٣) ينظرون إلى الله؟
قال: نعم، بأعينهم هاتين.
فقلت له: فإن قوما يقولون: لا ينظر إلى الله، أن "ناظرة" بمعنى منتظرة إلى الثواب.
قال: كذبوا، بل ينظر إلى الله، أما سمعت قول موسى ﵇:"رب أرنى أنظر إليك"(٧٤)؟ أفترى موسى سأل ربه محالا؟ فقال الله:"لن ترانى" في الدنيا، لأنها دار فناء، ولا ينظر ما يبقى بما يفنى، فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى إلى ما يبقى. وقال الله:"كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون"(٧٥).
* * *
قال زهير بن عباد: قلت لمالك: ما قولك في صنفين عندنا، بالشام اختلفوا في الإيمان، فقالوا يزيد وينقص؟
قال: بئس ما قالوا.
قلت: قالوا إنا نخاف على أنفسنا النفاق.
قال: بئس ما قالوا.
قلت: فإن قالوا نحن مؤمنون إن شاء الله، قالت الأخرى الإيمان واحد، وإيمان أهل الأرض كإيمان أهل السماء؟
قال: لا تقولوا.
قلت: فإن قالوا: نحن مؤمنون حقا؟
قال: لا تقولوا.
قلت: فما ينبغى للطائفتين أن يقولوا؟
قال: يقولون: نحن مؤمنون ثم يكفون عما سوى ذلك من الكلام، فإن النبي ﷺ قال: "أمرت أن أقاتل الناس
(٧٣) الآيتان ٢١، ٢٢ من سورة القيامة. (٧٤) الآية ١١٣ من سورة الأعراف. (٧٥) الآية ١٥ من سورة المطففين.