قال أبو مصعب: قدم علينا ابن مهدى (٦٨)، فصلى ووضع رداءه بين يدى الصف، فلما سلم الإمام رمقه الناس بأبصارهم، ورمقوا مالكا، وكان قد صلى خلف الإمام، فلما سلم قال: من ها هنا من الحرس؟ فجاء نفسان، فقال: خذا صاحب هذا الثوب فاحبساه، فحبس، فقيل: أنه ابن مهدى. فوجه إليه وقال له:
- أما خفت الله واتقيته أن وضعت ثوبك بين يديك في الصف وشغلت المصلين بالنظر إليه، وأحدثت في مسجدنا شيئا ما كنا نعرفه، وقد قال النبي ﷺ:"من أحدث في مسجدنا حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"؟
فبكى ابن مهدى، وآلى على نفسه ألا يفعل ذلك أبدا في مسجد النبي ﷺ ولا في غيره.
وفى رواية ابن مهدى قال: فقلت للحرس: اذهبا بي إلى أبي عبد الله. قالا: إن شئت، فذهبا بي إليه، فقال: يا أبا عبد الرحمان، تصلى مستلبا (٦٩)؟
فقلت: يا أبا عبد الله إنه كان يوما حارا كما رأيت، فثقل ردائى على، فقال، الله ما أردت بذاك الطعن علي من مضى والخلاف عليهم؟
قلت: الله. فقال: خلياه.
قال سفيان بن عيينة: سألت مالكا عمن أحرم من المدينة وراء الميقات؟
فقال: هذا مخالف لله ولرسوله، أخشى عليه الفتنة في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة، أما سمعت قوله تعالى:"فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم"(٧٠) وقد أمر النبي ﷺ أن يهل من المواقيت.
(٦٨) ابن مهدي: عبد الرحمن بن مهدي بن حسان الأزدي أبو سعيد البصري اللؤلؤي المتوفى سنة ١٩٨ انظر الخلاصة للخزرجي ص ٢٣٥. (٦٩) مستلبا: متجردا من ردائك. في نسخة أ: متلبسا - ك، ط: متسلبا، ولعل الصواب ما أثبتناه. (٧٠) الآية ٦١ من سورة النور.