وثبات ذلك عندك وصحته؛ فقال لهم ابن حمود: ذلك [١] لا يغني عنده شيئًا، فأنكروا هذا عليه؛ فقال لهم: سترون، ووجه إليه بعض ثقاته فخبره [٢] برؤيتهم الهلال، ويأمره بالخروج من غدهم للصلاة مع الناس؛ فقال له: أن كان ثبت عند الأمير شيء، فليفعل ما ثبت [٣] عنده؛ وأما أنا فما ثبت عندي شيء يوجب أمرًا إلى الآن؛ فخرج الرسول إليه، فقال أبيتم إلا فضيحتنا، وقطع اليقين على أنه لا يقبل شهادته؛ قال: وجاء داخل الليل شيخان من الصيادين [٤] في البحر من الثقات، فأخبروه [٥] بكشفهم الهلال من موضع مصيدهم ورؤيتهم له؛ فأثبت شهادتهما، ووجه إلى ابن حمود بثبات الخبر عنده بشهادة من شهد بذلك [٦] من الصيادين، فزادهم عجبًا وقد بسطنا [٧] من أخباره [٨] أشبع من هذا في قضاة السبتيين من تاريخنا.
ولم يزل ابن أبي مسلم يتردد في استعفاء من القضاء إلى آخر [٩] أيام إدريس، فصرفه وألحقه غضاضة، وسبب عليه من يطلبه بما تولاه من الأحباس والأوقاف، فوقاه الله شرهم.