وحدثني غير هذا أنه كان في بعض أزقة الميناء، إذ سمعت الناس يقولون: القاضي - ويتأهبون الحضوره، قال: فإذا أنا بشيخ طويل القامة، أبيض اللحية، طويلها؛ يمشي وبيده قفة فيها آلة الفلاحة. قد سترها بطرف [١] غفارة [٢] عليه، وإذا به القاضي منصرفا من جنته تلك؛ وخبره مع الغربيين اللذين قصداه فألفياه بجنته [٣]، فدقا عليه الباب، فخرج إليهما في صورة خدمة الجنات، فعرفاه أنهما يريدان لقاء القاضي - وهما يظنانه أجيره؛ فقال لهم: ترونه - إن شاء الله؛ فلما قضي شغله، لبس ثيابه، وركب حماره، وانصرف إلى المدينة - والرجلان معه وتبين لهما من جلالته [٤]، واكبار الناس له، أنه القاضي، فاعتذرا له فهون (عليهما)[٥]، ونظر في قضيتهما.
ومن خبره أن إدريس بن علي الحسيني أمير سبتة - إذ ذاك [٦]. رأى هلال شوال في جماعة من أصحابه، ولم يره أحد من أهل سبتة سواهم؛ فقال له بعض أصحابه: ارفع شهادتك إلى القاضي.