فرأى أن يضع سريره وراء باب لطيف، لا يمكن أن يدخل أحد منه [١] إلا راكعًا، ليدخل القاضي منه على تلك الحال، فيكون عوضًا من تكبيره [٢] بين يديه؛ فلما جلس عليه، أمر بإدخال القاضي من ذلك [٣] الباب؛ فلما رآه القاضي، تفكر وأدار ظهره، وحتى رأسه راكعًا [٤]، ودخل من الباب يمشي إلى خلفه مستقبلا الملك [٥] بدبره، حتى صار بين يديه؛ ثم رفع رأسه، ونصب ظهره، ثم أدار وجهه إلى الملك حينئذ؛ فعجب من فطنته، ووقعت له الهيبة في [٦] قلبه. قال غيره: قال القاضي: فلما كان يوم الأحد، بعث الملك في طلبي، وقال: من شأن الرسول حضور المائدة، فنحب [٧] أن تجيب إلى طعامنا، ولا تنقض كل [٨] رسومنا؛ فقلت لرسوله: أنا من علماء المسلمين، ولست كالرسل من سائر [٩] الجند وغيرهم، الذين لا يعرفون ما يجب في هذه المواطن عليهم [١٠]، والملك يعلم أن العلماء لا يعذرون [١١] أن يدخلوا [١٢] في هذه الأشياء وهم يعلمون؛ وأخشى أن يكون على مائدته من لحوم الخنازير، وما حرمه الله ورسوله على المسلمين؛ فذهب الترجمان وعاد إلي وقال: يقول لك الملك: ليس على مائدتي ولا في شيء من طعامي شيء