قال القاضي: فدخلت عليه بنفيس [١] ثيابي، وعمامتي، وطيلساني؛ فلما وقع بصره علي، أدناني ورفعني فوق الكل؛ وابتدأني عن شأن كسوتي [٢]، فقلت بهذا الزي [٣] ندخل على ملكنا الأعظم، الذي هو تحت يدي أمير المؤمنين؛ وأدخل بها على سلطاننا الأكرم، الذي أمرنا الله ورسوله بطاعته، فما ينكرون [٤] علي هذا؛ وأنا رجل من علماء المسلمين؛ فإن دخلت عليك بغير هيئتي، ورجعت إلى حكمك، أهنت العلم ونفسي، وذهب عند المسلمين جاهي؛ فقال لترجمانه: قل له [٥] قد قبلنا عذرك، ورفعنا منزلتك، وليس محلك عندنا مثل [٦] محل سائر الرسل؛ وإنما محلك عندنا محل الأبرار الأخيار، وقد أخبرنا صاحبكم في كتبه أنك لسان المسلمين والمناظر عنهم؛ وأنا أشتهي أن أعرف ذلك وأسمعه منك - كما ذكروه عنك. فقلت [٧]: إذا أذن الملك، فقال: انزلوا حيث أعددت لكم، ويكون بعد هذا الاجتماع؛ قال القاضي: فنهضنا [٨] إلى موضع أعد لنا. وذكر أبو بكر البغدادي الحافظ، أن القاضي لما بلغ مدينة الطاغية، وعرف به ومحله من العلم، فكر [٩] الطاغية في أمره، وعلم أنه لا يكبره [١٠] إذا دخل عليه كما جرى رسم الرعية أن تقبل الأرض بين يدي ملوكها