وَعُسْرِهِ وَلَمْ يَصُمْ حَتَّى أَيْسَرَ لَزِمَهُ الْعِتْقُ. وَلَوِ ابْتَدَأَ بِالصَّوْمِ ثُمَّ أَيْسَرَ فَإِنْ كَانَ مَضَى مِنْ صَوْمِهِ صَدْرٌ صَالِحٌ نَحْوُ الْجُمُعَةِ وَشَبَهِهَا تَمَادَى. وَإِنْ كَانَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَنَحْوَهُمَا تَرَكَ الصَّوْمَ وَعَادَ إِلَى الْعِتْقِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى مَنْ طَرَأَ الْمَاءُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَدْ دَخَلَ بِالتَّيَمُّمِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَقْطَعَ وَيَبْتَدِئَ الطَّهَارَةَ عِنْدَ مَالِكٍ. الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ- وَلَوْ أَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ عَنْ كَفَّارَتَيْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ فَطَرَ فِي رَمَضَانَ وَأَشْرَكَ بَيْنَهُمَا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَمْ يُجْزِهِ. وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً وَاحِدَةً عَنْ كَفَّارَتَيْنِ. وَكَذَلِكَ لَوْ صَامَ عَنْهُمَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى يَصُومَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا شَهْرَيْنِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ ذلك يجزيه. ولو ظاهر من امرأتين ل فَأَعْتَقَ رَقَبَةً عَنْ إِحْدَاهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا لَمْ يجز له وطئ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةً أُخْرَى. وَلَوْ عَيَّنَ الْكَفَّارَةَ عَنْ إِحْدَاهُمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ الْكَفَّارَةَ عَنِ الْأُخْرَى. وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَأَعْتَقَ عَنْهُنَّ ثَلَاثَ رِقَابٍ، وَصَامَ شَهْرَيْنِ، لَمْ يُجْزِهِ الْعِتْقُ وَلَا الصِّيَامُ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا صَامَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِنْ كَفَّرَ عَنْهُنَّ بِالْإِطْعَامِ جَازَ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُنَّ مِائَتَيْ مِسْكِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَرَّقَ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ، لِأَنَّ صِيَامَ الشَّهْرَيْنِ لَا يُفَرَّقُ وَالْإِطْعَامَ يُفَرَّقُ. فصل وفية ست مَسَائِلَ: الْأُولَى- ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْكَفَّارَةَ هُنَا مُرَتَّبَةً، فَلَا سَبِيلَ إِلَى الصِّيَامِ إِلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الرَّقَبَةِ، وَكَذَلِكَ لَا سَبِيلَ إِلَى الْإِطْعَامِ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ عَلَى الصِّيَامِ، فَمَنْ لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ وَجَبَ عَلَيْهِ إطعام ستين مسكينا لكل مسكين مدان يمد النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَإِنْ أَطْعَمَ مُدًّا بِمُدِّ هِشَامٍ، وَهُوَ مُدَّانِ إِلَّا ثُلُثًا، أَوْ أَطْعَمَ مُدًّا وَنِصْفًا بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْزَأَهُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَأَفْضَلُ ذَلِكَ مُدَّانِ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَقُلْ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ) «١» فَوَاجِبٌ قَصْدُ الشِّبَعِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: مُدٌّ بِمُدِّ هشام وهو الشبع ها هنا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ الطَّعَامَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْوَسَطَ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ: مُدَّانِ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «٢»: [قِيلَ لَهُ: أَلَمْ تَكُنْ قُلْتَ مُدُّ هِشَامٍ؟ قَالَ: بَلَى، مُدَّانِ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ]. وَكَذَلِكَ قَالَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أيضا.
(١). راجع ج ٦ ص (٢٦٥)(٢). ما بين المربعين ساقط من أو الأصل المطبوع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute