فِي الضَّرْبِ وَالْجَلْدِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِقَامَةُ حَدٍّ بِأَرْضٍ خَيْرٌ لِأَهْلِهَا مِنْ مَطَرِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآية. والرأفة أرق الرحمة. وقرى:" رأفة" بفتح الالف على وزن فعلة. وقرى:" رآفة" على وزن فعالة، ثلاث لغات، وهى كلها مصادر، أشهرها الاولى، من رءوف إِذَا رَقَّ وَرَحِمَ. وَيُقَالُ: رَأْفَةٌ وَرَآفَةٌ، مِثْلُ كَأْبَةٍ وَكَآبَةٍ. وَقَدْ رَأَفْتُ بِهِ وَرَؤُفْتُ بِهِ. وَالرَّءُوفُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى: الْعَطُوفُ الرَّحِيمُ. التاسعة عشرة- قوله تعالى: (أَيْ فِي حُكْمِ اللَّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" مَا كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ «١» " [يوسف: ٧٦] أَيْ فِي حُكْمِهِ. وَقِيلَ:" فِي دِينِ اللَّهِ" أَيْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ فِيمَا أَمَرَكُمْ به من إقامة الحدود. قَرَّرَهُمْ عَلَى مَعْنَى التَّثْبِيتِ وَالْحَضِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:" إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ". وَهَذَا كَمَا تَقُولُ لِرَجُلٍ تَحُضُّهُ: إِنْ كُنْتَ رَجُلًا فَافْعَلْ كَذَا! أَيْ هَذِهِ أَفْعَالُ الرِّجَالِ. الْمُوَفِّيَةُ عِشْرِينَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) قِيلَ: لَا يَشْهَدُ التَّعْذِيبَ إِلَّا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ «٢» التَّأْدِيبَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: رَجُلٌ فَمَا فَوْقَهُ إِلَى أَلْفٍ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: لَا بُدَّ مِنْ حضور أربعة قياسا على الشهادة على الزنى، وَأَنَّ هَذَا بَابٌ مِنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَعَطَاءٌ: لَا بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ، وَهَذَا مَشْهُورُ قَوْلِ مَالِكٍ، فَرَآهَا مَوْضِعَ شَهَادَةٍ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: ثَلَاثَةٌ، لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ. الْحَسَنُ: وَاحِدٌ فَصَاعِدًا، وَعَنْهُ عَشَرَةٌ. الرَّبِيعُ: مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ. وَحُجَّةُ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ تعالى:" فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ «٣» " [التوبة: ١٢٢]، وقوله:" وَإِنْ طائِفَتانِ «٤» " [الحجرات: ٩]، وَنَزَلَتْ فِي تَقَاتُلِ رَجُلَيْنِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ". وَالْوَاحِدُ يُسَمَّى طَائِفَةً إِلَى الْأَلْفِ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَإِبْرَاهِيمُ. وَأَمَرَ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ بِجَارِيَةٍ لَهُ قَدْ زَنَتْ وَوَلَدَتْ فَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبًا، وَأَمَرَ ابْنَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا خَمْسِينَ ضَرْبَةً غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَا خَفِيفٍ لَكِنْ مُؤْلِمٍ، وَدَعَا جَمَاعَةً ثُمَّ تَلَا:" وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ".
(١). راجع ج ٩ ص ٢٣٥ فما بعد.(٢). كذا في ج وط وك. وفى ب: إلا من يستحق. ولعله الأشبه.(٣). راجع ج ٨ ص ٢٩٣ فما بعد.(٤). راجع ج ١٦ ص ٣١٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute