وَقِيلَ: تُنْكِرُونَ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ، يُقَالُ: نَقَمَ مِنْ كَذَا يَنْقِمُ وَنَقِمَ يَنْقَمُ، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الرُّقَيَّاتِ:
مَا نَقَمُوا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَّا ... أَنَّهُمْ يَحْلُمُونَ إِنْ غضبوا
وفي التنزيل" وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ" «١»] البروج: ٨] وَيُقَالُ: نَقِمْتُ عَلَى الرَّجُلِ بِالْكَسْرِ فَأَنَا نَاقِمٌ إِذَا عَتَبْتُ عَلَيْهِ، يُقَالُ: مَا نَقِمْتُ عَلَيْهِ الْإِحْسَانَ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: نَقِمْتُ بِالْكَسْرِ لُغَةً، وَنَقَمْتُ الْأَمْرَ أَيْضًا وَنَقِمْتُهُ إِذَا كَرِهْتُهُ، وَانْتَقَمَ اللَّهُ مِنْهُ أَيْ عَاقَبَهُ، وَالِاسْمُ مِنْهُ النَّقِمَةُ، وَالْجَمْعُ نَقِمَاتٌ وَنَقِمَ مِثْلُ كَلِمَةٍ وَكَلِمَاتٍ وَكَلِمٍ، وَإِنْ شِئْتَ سَكَّنْتَ الْقَافَ وَنَقَلْتَ حَرَكَتَهَا إِلَى النُّونِ فَقُلْتَ: نِقْمَةٌ وَالْجَمْعُ نِقَمٌ، مِثْلُ نِعْمَةٍ وَنِعَمٍ، (إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِ"- تَنْقِمُونَ" وَ" تَنْقِمُونَ" بِمَعْنَى تَعِيبُونَ، أَيْ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا إِيمَانَنَا بِاللَّهِ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّا عَلَى الْحَقِّ. (وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ) أَيْ فِي تَرْكِكُمُ الْإِيمَانَ، وَخُرُوجِكُمْ عَنِ امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ، فَقِيلَ هُوَ مِثْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ: هَلْ تَنْقِمُ مِنِّي إِلَّا أَنِّي عَفِيفٌ وَأَنَّكَ فَاجِرٌ. وَقِيلَ: أَيْ لِأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ تَنْقِمُونَ مِنَّا ذَلِكَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ) أَيْ بِشَرٍّ مِنْ نَقْمِكُمْ عَلَيْنَا. وَقِيلَ: بِشَرٍّ مَا تُرِيدُونَ لَنَا مِنَ الْمَكْرُوهِ، وَهَذَا جَوَابُ قَوْلِهِمْ: مَا نَعْرِفُ دِينًا شَرًّا مِنْ دِينِكُمْ." مَثُوبَةً" نُصِبَ عَلَى الْبَيَانِ وَأَصْلُهَا مَفْعُولَةٌ فَأُلْقِيَتْ حَرَكَةُ الْوَاوِ عَلَى الثَّاءِ فَسُكِّنَتِ الْوَاوُ وَبَعْدَهَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ فَحُذِفَتْ إِحْدَاهُمَا لِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَقُولَةٌ وَمَجُوزَةٌ وَمَضُوفَةٌ عَلَى مَعْنَى الْمَصْدَرِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ «٢»:
وَكُنْتُ إِذَا جَارِي دَعَا لِمَضُوفَةٍ ... أُشَمِّرُ حَتَّى يَنْصُفَ السَّاقَ مِئْزَرِي
وَقِيلَ: مَفْعُلَةٌ كَقَوْلِكَ مَكْرُمَةٌ وَمَعْقُلَةٌ. (مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ) " مِنْ" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، كَمَا قَالَ:" بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ" «٣»] الحج: ٧٢] وَالتَّقْدِيرُ: هُوَ لَعْنُ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِمَعْنَى: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ على
(١). راجع ج ١٩ ص ٢٩٢.(٢). هو: أبو جندب الهزلي. والمضوفة: الامر يشق منه ويخاف.(٣). راجع ج ١٢ ص ٩٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute