ونوقش بأن لفظ الحديث يُفْهَم منه أن الرجل استَعمل الطِّيب قبل إحرامه، ولفظ مسلم: قَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي أَحْرَمْتُ بِالْعُمْرَةِ وَعَلَيَّ هَذَا، وَأَنَا مُتَضَمِّخٌ بِالْخَلُوقِ (٣).
الوجه الرابع: أن حديث عائشة في تطيبب النبي ﷺ في حجة الوداعِ- ناسخ لحديث يعلى بن أُمية المتضمن أمره ﷺ بغَسْل الطِّيب من بدن الرجل وثيابه؛ لأنه كان عَقِب فتح مكة سَنة ثمانٍ، بالإجماع (٤).
فحاصل هذا الوجه أن حديث يعلى بن أُمية منسوخ بحديث عائشة، والله أعلم.
المطلب الثاني: حُكْم بقاء الطِّيب واستدامته بثوب الإحرام بعد الإحرام:
أَجْمَع العلماء على تحريم لُبس ما مسه الطِّيب حال الإحرام (٥).
واختلفوا في جواز وضع الطِّيب على الرداء قبل الإحرام واستدامته، على قولين:
القول الأول: يُمنَع الحاج من تطييب ثوب الإحرام قبل إحرامه؛ لعدم جواز استدامة
(١) «الدراية» (٢/ ٨)، و «الأم» (٣/ ٣٨٤)، و «المُحَلَّى» (٧/ ٤٨)، و «زاد المعاد» (٢/ ٢٢٣). (٢) «المجموع» (٧/ ٢٢٢). (٣) البخاري (٤٩٨٥)، ومسلم (١١٨٠) واللفظ له. (٤) قال ابن عبد البر: لَا خِلَافَ أَنَّ قِصَّةَ صَاحِبِ الْجُبَّةِ كَانَتْ عَامَ حُنَيْنٍ، بِالْجِعْرَانَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَذَلِكَ سَنَةَ عَشْر. «التمهيد» (١٩/ ٣٠٦). وقال الشافعي: فَكَانَ تَطَيُّبُهُ لِإِحْرَامِهِ وَلِحِلِّهِ نَاسِخًا لِأَمْرِهِ الْأَعْرَابِيَّ بِغَسْلِ الصُّفْرَةِ. «اختلاف الحديث» (٨/ ٦٥٥). (٥) «الإجماع» لابن المنذر (ص: ٥٣)، و «التمهيد» (١٥/ ١٢٢)، و «المغني» (٥/ ١٤٢)، وغيرها.