ونوقش بأن عدد أشواط السعي محدد مِنْ قِبل الشرع، والنقص عن الحد مبطل، كالنقص في عدد ركعات الصلاة عمدًا مُبطِل لها (٢).
الشرط الخامس: الموالاة بين أشواط السعي. وفيه مطلبان:
المطلب الأول: اشتراط الموالاة بين أشواط السعي:
اختَلف أهل العلم في ذلك على قولين:
القول الأول: تُشترَط الموالاة بين أشواطه. وهو مذهب المالكية، والحنابلة (٣).
واستدلوا بأن النبي ﷺ سعى سعيًا متواليًا، وقد قال:«لتأخذوا مناسككم».
القول الآخَر: لا تُشترَط الموالاة. وبه قال الحنفية والشافعية، ورواية عن أحمد (٤).
واستدلوا بأن مُسَمَّى السعي يَحصل بالسعي بين الصفا والمروة سبع مرات، سواء كانت الأشواط متوالية أو متفرقة.
والراجح: اشتراط الموالاة بين أشواط السعي؛ لأن النبي ﷺ سعى سعيًا متواليًا.
المطلب الثاني: لو أقيمت الصلاة أثناء السعي:
لو أقيمت الصلاة أثناء السعي، قَطَع السعي وصلى، ثم أَتَمَّ الأشواط الباقية (٥).
(١) قال الكاساني: (وأما قَدْره فسبعة أشواط؛ لإجماع الأمة). «بدائع الصنائع» (٢/ ١٣٤). وقال ابن عابدين: لو تَرك ثلاثة منه أو أقل، فعليه لكل شوط منه صدقة، إلا أن يَبلغ دمًا، فيُخيَّر بين الدم وتنقيص الصدقة. «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٥٦، ٥٥٧). (٢) قال ابن المنذر: فلما كان النبي ﷺ المنبئ عن الله أن فَرْض صلاة الظُّهر أربع ركعات، كذلك هو المنبئ عن الله أن فرض الطواف سبع، ولا يُجْزئ أقل منه. «الإشراف» (٣/ ٢٨٠). (٣) «مواهب الجليل» (٤/ ١٠٥)، و «الإنصاف» (٤/ ١٨). (٤) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٤٩٧)، و «المجموع» (٨/ ٧٣، ٧٤). وقال ابن عثيمين: لو فُرض أن الإنسان اشتد عليه الزحام، فخرج ليتنفس، أو احتاج إلى بول فخرج يَقضي حاجته، ثم رجع، فهنا نقول: لا حرج. ولأن الموالاة هنا فاتت للضرورة، وهو حين ذَهابه قلبه معلق بالسعي، ففي هذه الحال لو قيل بسقوط الموالاة لكان له وجه. «الشرح الممتع» (٧/ ٢٧٦). (٥) قال ابن المنذر: أجمعوا فيمن طاف بعض سبعة، ثم قُطِع عليه بالصلاة المكتوبة- أنه يَبتني من حيث قُطِع عليه إذا فَرَغ من صلاته. وانفرد الحسن البصري فقال: يَستأنف. «الإجماع» (ص: ٥٥). وقال ابن قُدامة: الْجِنَازَةِ إِذَا حَضَرَتْ، يُصَلِّي عَلَيْهَا، ثُمَّ يَبْنِي عَلَى طَوَافِهِ. «المغني» (٥/ ٢٤٧).