قال ابن حجر: وَلِأَنَّ الْقَاتِلَ انْفَرَدَ بِقَتْلِهِ بِاخْتِيَارِهِ، مَعَ انْفِصَالِ الدَّالِّ عَنْهُ، فَصَارَ كَمَنْ دَلَّ مُحْرِمًا أَوْ صَائِمًا عَلَى امْرَأَةٍ فَوَطِئَهَا، فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِالدَّلَالَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَلَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ (١).
المطلب الثاني: إذا دَلَّ المُحْرِمُ مُحْرِمًا على صيد، فقَتَله:
اختَلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: إذا دَلَّ المُحْرِم مُحْرِمًا على صيد فقَتَله، فعلى كل واحد منهما جزاءٌ كامل. وهو مذهب الحنفية (٢).
القول الثاني: إذا دَلَّ المُحْرِم مُحْرِمًا على صيد، فقَتَله، فالجزاء بينهما؛ لأن الواجب جزاء المُتْلَف، وهو واحد، فيَكُون الجزاء واحدًا بينهما. وهو مذهب الحنابلة (٣).
القول الثالث: إذا دَلَّ المُحْرِمُ مُحْرِمًا على صيد فقَتَله، فالدالّ مسيء ولا جزاء عليه؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] فأَوْجَبَ الجزاء على القاتل، فلا يَجِب على غيره، ولا يُلْحَق به؛ لأنه ليس في معناه. وهو مذهب المالكية والشافعية (٤).
المطلب الثالث: إذا اشترك جماعة مُحْرِمون في قتل صيد، فماذا يجب عليهم؟
اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أنه يجب عليهم جزاء واحد. وهو مذهب الشافعية والحنابلة (٥).
القول الآخَر: يجب على كل واحد منهم جزاء كامل. وهو مذهب الحنفية والمالكية، ورواية عند الحنابلة (٦).
والراجح: أنه يجب عليهم جزاء واحد. قال الشافعي: عَنْ عَطَاءٍ فِي النَّفَرِ يَشْتَرِكُونَ فِي
(١) «فتح الباري» (٤/ ٢٩).
(٢) «الفتاوى الهندية» (١/ ٢٥٠). وقال ابن قُدامة: وبه قال الشَّعبي وابن جُبير. «المغني» (٥/ ١٣٣).
(٣) «المغني» (٥/ ١٣٣)، و «شرح عمدة الفقه» (٣/ ١٨٢).
(٤) «مواهب الجليل» (٤/ ٢٥٨)، و «حاشية الدسوقي» (٢/ ٧٧)، و «المجموع» (٧/ ٣٣٠).
(٥) «المجموع» (٧/ ٤٣٦)، و «الحاوي» (٤/ ٣٢٠)، و «المغني» (٣/ ٤٥١).
(٦) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٠٢)، و «بداية المجتهد» (٢/ ١٢٣)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٥٢).