الوقفة الرابعة: الإحسان إلى النساء، فأوصى بذلك بقوله:«فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ».
الوقفة الخامسة- وهي تضم جميع الدين-: وهي قول رسول الله ﷺ: «وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ» والعمل بكتاب الله يقتضي معه العمل بسُنة رسول الله؛ لأن الله يقول: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آل عمران: ١٣٢].
المبحث الثالث: يُسَن الأذان بعد الفراغ من الخطبة: وفيه مطلبان:
[المطلب الأول: هل الأذان قبل الخطبة أو بعدها؟]
السُّنة أن يكون الأذان بعد الخطبة. وهو مذهب الحنابلة، وقول للمالكية (١).
واستدلوا بحديث جابر ﵁:«فَخَطَبَ النَّاسَ … ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ» فهذا صريح في أن الأذان كان بعد فراغ النبي ﷺ من الخطبة (٢).
(١) «المُدوَّنة» (١/ ١٧٢)، و «المغني» (٣/ ٢٠٦)، ورُوي عن أبي يوسف «العناية» (٢/ ٤٦٩). (٢) وقد اختَلف العلماء في وقت الأذان من الخطبة على أقوال، والذي ذكرناه هو القول الراجح. والقول الثاني: ما ذهب إليه الحنفية من أن الأذان يكون قبل أن يَخطب الإمام. كما في «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٤٦٧). واستدلوا ب «أَنَّهُ لَمَّا صَعِدَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ فَخَطَبَ» وهذا صريح في أن الأذان قبل الخطبة. وهذا منكر، والصحيح من حديث جابر أن الأذان كان بعد الخطبة. القول الثالث: ذهب بعض الحنفية وبعض المالكية والشافعية إلى أن الأذان يكون في بداية الخطبة الثانية؛ حتى يكون فراغه من الأذان بفراغه من خطبته. انظر «فتح القدير» (٢/ ٤٦٦)، و «التمهيد» (١٠/ ٢)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٩٣). واستدلوا بما روى جابر عن النبي ﷺ: «فَرَاحَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْمَوْقِفِ بِعَرَفَةَ، فَخَطَبَ النَّاسَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، ثُمَّ أَخَذَ النَّبِيُّ ﷺ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ، فَفَرَغَ مِنَ الْخُطْبَةِ وَبِلَالٌ مِنَ الْأَذَانِ، ثُمَّ أَقَامَ بِلَالٌ» رواه الشافعي (٩١١). ونوقش هذا الاستدلال: تَفَرَّدَ بهذا التفصيل إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، وهو متروك، وكيف يؤذن أثناء الخطبة؟! فإن ذلك يَمنع من سماعها أو أكثرها فيفوت مقصودها. القول الرابع: وهو قول مالك-: يَخْطُبُ الْإِمَامُ طَوِيلًا، ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ وَهُوَ يَخْطُبُ، ثُمَّ يُصَلِّي … وَهَذَا مَعْنَاهُ أَنْ يَخْطُبَ الْإِمَامُ صَدْرًا مِنْ خُطْبَتِهِ ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ، فَيَكُونُ فَرَاغُهُ مَعَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنَ الْخُطْبَةِ. «التمهيد» (١٠/ ١٢). وهذا القول واضح البطلان، فتَرجَّح بذلك القول الأول، أنه يؤذن بعد فراغ الإمام من خطبته، كما صح عن رسول الله ﷺ.